ولد القديس اباسخيرون فى بلدة قلين بكفر الشيخ ؛واصطبغ بالبصمات المسيحة منذ حداثته،وعندما بلغ القديس سن الشباب تم تجنيده والحاقه بالفرقة الموجودة باتريب (بنها حاليا)
،وكان ذلك فى عهد الامبراطور الوثنى دقلديانوس (284-305م)الذى اصدر منشورا بهدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة ومعاقبة كل من يخالف اوامره.
عندما وصل هذا المنشور لمنطقة اتريب خضع عدد كبير من الناس للاوامر،وجمع قادة الفرق كل جنودهم لتقديم واجبات العبادة للاوثان حسب اوامر الملك،اما القديس اباسخيرون فرفض السجود امام مندوب الامبراطور ووالى اتريب وكل قادة الجنود،فقام الوالى ولطمه لطمة قوية امرا اياه بتنفيذ الامر العسكرى. لكن القديس فى شجاعة خلع منطقته العسكرية،فامر الوالى بالقبض على القديس وطرحه فى السجن تمهيدا لمحاكمته.
اثناء وجود القديس فى السجن كان يصلى من قلبه قائلا:" يارب اسمع صلاتى،استجب لدعائى واسرع لمعونتى واسترنى بظل رعايتك،فان لك المجد ايها الثالوث القدوس". ولما فرغ من صلاته،اضاء السجن بنور شديد وظهر له ملاك الرب ليشجعه ويثبته ويعلمه بالاكاليل المعده له،وظل القديس شاخصا الى فوق يشاهده.
فى صباح اليوم التالى اجتمع اهالى اتريب لينظروا ما سيحدث للقديس،وامر الوالى باستدعاء القديس من السجن،ولما حضر القديس،وقف امامه فى هدوء،فطلب منه الوالى التبخير للالهة الوثنية بدلا من قتله امام جميع الشعب المجتمع.فرفض القديس التهديد واعلن ايمانه جهارا بالرب يسوع.فوثب الوالى ولطمه مرة اخرى. فثارات الجموع المحتشدة، لانه حسب القانون الرومانى لا يجوز معاقبة جندى فى الجيش الرومانى الا بتفويض مباشرمن الملك للوالى بذلك او بامر مقدم الملك.وامام اصرار القديس وثباته امام الاهانات والتهديدات بالموت الوحشى،اراد الوالى ارساله الى اريانوس والى انصنا الاكثر بطشا.
ارسل القديس الى انصنا فى سفينة شراعية وهو مقيدا بالاغلال فى حراسة اربعة جنود كانوا يعاملونه بدون ادنى رحمة،بل انهم اضافوا اليه اغلال اخرى حول راسه ووسطه ونزعوا عنه بعض ثيابه امعانا فى اذلاله امام الجموع.
اثناء رحلته لانصنا كانت مواعيد الله وتشجيعاته للقديس واصحة جدا،وكان القديس يصلى فى المركب وهو مثقلا باوزان القيود،وارادوا ان يزيدوا من عذابه وهم فى طريقهم الى انصنا فالقوه فى خن السفينة الشراعية الضيق المظلم وقيدوه فيه ليزيدوا ضيقه حزنا كما كانوا يتوقعون.وفى خن السفينه كان القديس يسبح ويصلى صلاة حارة بقلب مفعم بالايمان،وصلى للرب قائلا:" يالله الاب ضابط الكل وابنك الحبيب يسوع المسيح وروحك القدوس،ها انا اتضرع اليك واطلب من مراحمك ياسيدى ان تمجد اسمك القدوس فى هذه الساعة كما انه ممجد من الازل والى الابد،امين".
فى الحال توقفت السفينة عن السير فى وسط النيل وانفكت الاغلال من القديس وسقطت وصعد القديس الى سطح السفينه.وسمع الجنود صوتا من السماء-دون ان يروا-قائلا للقديس:" لاتخف ياحبيبى اباسخيرون،انا يسوع الذى امنت به،انا معك واقويك فى شدائدك".
وشاهد الجند القديس وهو يسجد ويصرخ قائلا:" ياسيدى الرب انت رجائى وقوتى".
خاف الجنود جدا من القديس لكنه سمح لهم فى وداعه ان يعيدوا ربطه مرة اخرى لئلا يعاقبهم القائد،فقيدوه واعادوه الى خن المركب وهم مذهولون مما جرى.
ولما كانت السفينة لا تتحرك،طلب القديس من الرب قائلا:" ياسيدى يسوع المسيح لتامر الريح ان تحرك السفينة لقبلى بقوتك".
وفى الحال هبت رياح اسرعت بالسفينة وسط النيل حتى وصلت لمرسى السفن فى مدينة انصنا وعلم الجند من زملائهم بالمدينة ان الوالى قد مضى الى مدينة اسيوط،فتحركت السفينة بالقديس يحرسه الجند حتى وصلت مدينة اسيوط.
عقدت محاكمة القديس هناك ومعه سجناء اخرين من اسوان واسنا ومدن اخرى وكانت لهم نفس تهمة القديس الا وهى رفض السجود لاوثان الامبراطور،واخذ القديس يشد من ازرهم ويشجعهم على نوال الاكاليل السمائية.
فى المحاكمة امام اريانوس قراوا قضيته بانه رفض السجود لالهة المملكة،ورفض جنديته،وسب الوالى والامبراطور.فطلب منه الوالى اريانوس ان يتكلم،اما القديس فلم ينطق،وهنا اجاب احد مشيرى الوالى بان اباسخيرون من ضمن المسيحيين السحرة،فامر الوالى بتعذيبه وتمزيق جسده جلدا بالسياط،ولم يكتف بهذا،بل امر بسحله فى الشوارع وبعد ان فعلوا،امره الوالى ان يبخر للاوثان والا سيعذبه باقسى الطرق الرومانية الما،فلم يلتفت القديس الشجاع لتهديداته.
امر الوالى بان يوضع القديس فى كيس ضخم مملوء من الرصاص الساخن ويغلق عليه،ولكن عندما القى فى الكيس رسم عليه علامة الصليب فسقط قاع الكيس،فثار اريانوس وصرخ فى وجه القديس قائلا: " لابد ان اقتلك ايها المرذول الان".
استمر الجنود فى تعذيبه.اما القديس الشجاع اباسخيرون فكان يحتمل تلك الالام فى شجاعه،ثم امر ارياتوس ان يكشطوا جلد راسه الى اسفل رقبته،وان يربطوه فى فرس يطوف به كل تخوم اسيوط ويصيحون امامه: هذا جزاء من لا يخضع لاوامر الملوك ويرفع البخور للالهة.اما القديس فقد كانت دماؤه تسكب على ارض الشارع وهو شاكر ومسبح للرب.
عندما جلس الوالى مرة اخرى لمحاكمة المسيحيين قضى بتعذيب اخوين بالعصر حتى الموت،وبصلب اثنين اخرين وتسميرهما على صليب وايديهما مربوطة الى خلف حتى الموت،وحكم باحكام عديدة اخرى.
التفت الوالى يسال عن القديس،فاحضروه له وهو فى حالة اشبه بميت وقال له: اشفق على نفسك وارفع البخور لئلا تموت موتة رديئة. فرفض القديس.
امر الوالى بوضعه على الهنبازين،وامر ستة جنود عمالقة ان يعصروه. اما القديس فقد رشم علامة الصليب،فانكسر الهنبازين الى جزئين.ثم حدثت زلزلة هزت اسيوط كلها وانكفا الوالى على وجهه بكرسية وحدث هرج فى معسكر المحكمة،وخاف الوالى اريانوس والجنود جدا ولما هدات انفسهم،اعادوا الكرة مرة اخرى على جهاز هنبازين اخر.تقدم القديس بهدوء ورشم عليه علامة الصليب المقدسة فخرجت من الجهاز نار احرقتهم.فثار الوالى فى وجه القديس وصرخ قائلا:" ايها المرذول القوى فى سحرك لابد ان اقتلك الان".
امر بان ينزلوه من على الهنبازين ويقيدوه ويضعوه فوق سرير حديد ويشعلوا النار من تحته،ففعلوا.
جلس الوالى يراقب مايحدث للقديس الذى ظل ساكنا غير متوجع لان قوة الهه القوى كانت تحرسه،فاغتاظ اريانوس وجدف على اسم المسيح،فتنبا القديس وقال له: " بما انك جدفت على اسم الهى الذى لم تؤمن بقوته،فسوف تلهب النار احشاءك....."
لم يتمم القديس قوله حتى دخل الى مجلس الوالى غلام يلهث واتجه للوالى وقال له:"ياسيدى الوالى ان ابنك كان فى الحمام وعندما سكبوا عليه قليلا من الماء وقع ميتا".
فاضطرب الوالى جدا وتحققت نبؤة القديس اباسخيرون بان احشاءه ستلتهب.
امر الوالى بسرعة بان يطرحوا القديس فى مستوقد النار الذى بالحمام ويغلقوا عليه الباب.ثم سافر الوالى اريانوس الى بيته وصنع مناحة عظيمة على ابنه الذى مات.
بعد ايام رجع وطلب ان يعرف اخبار عن هذا الجندى المسيحى الذى كان يعانده. وبعد سته ايام كامله فتح الجند المستوقد فى حذر اذ كانوا يتوقعون ان يحفظه الهه القوى كما حدث مع بعض المسيحيين من قبل. ولما فتحوا المستوقد سقطوا الى الخلف من شدة الدهشه اذ وجدوا القديس واقفا على رجليه وسط اتون النار الذى لفح وجوههم من شدته،وكان يسبح الهه،وكان رئيس الملائكة الجليل ميخائيل قد نزل من السماء وجعل الاتون مملوء بريح ونسيم بارد،وشفى جراحاته.فرجعوا واخبروا الوالى.
امر الوالى باحضاره وكان ينتظر مقابلته وهو متضايق لما يحدث وخصوصا انه يجلس فى ولايه غير ولايته وخاف من سخريه والى اسيوط ومعاونيه،ونسب ذلك امامهم لقوة سحر المسيحيين،فاشاروا عليه باحضار اشهر السحرة وامهرهم ويدعى الكسندروس،فامر باحضاره على الفور فحضر الساحر وقام بوضع سم فى كاس وتلى عليه بعض التعاويذ السحرية،وبكل افتخار اعطاها للقديس ليشربها،فرشم القديس علامة الصليب على الكاس ثم شرب منه،وظهرت على القديس علامات السرور،ولم يصب باى اذى،فتعجب الساحر،وهنا قال القديس للساحر: "ان رئيس الشياطين الذى تستعين به يدخل فيك ويعذبك"،وفى الحال صرخ الساحر صرخة مريرة وصرعه الشيطان وصار يعذبه فقال القديس للساحر:" ان اعترفت وامنت بالهى،سيفارقك الشيطان"، فاعلن الساحر ايمانه علانية بالرب يسوع،فخرج الشيطان فورا منه،وفى الحال امر الوالى بقطع راس الساحر ونال اكليل الشهادة.
عاود اريانوس تعذيب القديس،ووضعه على المعصرة مرة اخرى،ولم يقدر ايضا الجنود على ادارتها.واعاد محاولة القائه فى الاتون بعد ان ملاه بالزفت،ولكن الله الذى انقذه فى المرة الاولى جعل النار لا تمسه باذى.
كان القديس يرفع صوته بالصلاة امام الجموع قائلا:" اسبحك واشكرك ياسيدى المحبوب،ربى يسوع المسيح.يامن ادركتنى بنعمتك،امجدك لانك حسبتنى من عبيدك.اتبعك ياسيدى بكل قلبى،فلا تنسانى بمراحمك.لقد حملت الصليب وتبعتك،فلا تحسبنى غريبا عن مدينتك المقدسة.احفظنى واعنى ولا تتركنى."
اثناء الصلاة ظهر للقديس ملاك الرب وخاطبه قائلا:"طوباك يااباسخيرون لانك
صبرت من اجل الرب يسوع المسيح حتى الموت،تشجع لتكمل جهادك وتنال الاكليل غير المضمحل".
اما الوالى فقد نفد صبره وامر بان يؤتى اليه بقضبان حديد محماة بانار ويضعونها فى عينيه واذنيه. ووسط هذه الالام صاح القديس قائلا: "ايها الوالى اذ كنت اعميت عينى الظاهرتين،فان لى عينين روحيتين ابصربهما،ولا تصل انت اليهما،ليس مجد هذا العالم عندى شى ".
فى تلك الساعه نزل رئيس الملائكة الجليل ميخائيل وبسط اجنحته على عينى القديس فابصر للوقت وشفيت جراحاته.فازداد الوالى حنقا ظانا ان هذا كله بقوة السحر.فعاد ولاطف القديس بكلام ووعود،وقدم له الصنم ابلون لكى يسجد امامه،اما القديس فقد ركل الصنم فوقع وتحطم.فاسف الوالى على ابلون،وقال للقديس: من الان لا اعود اشفق عليك:.وامر جنوده بان يقطعوا يديه ورجليه لانه ركل الصنم ابلون،ففعلوا.
اما القديس فتوجه بوجهه للشرق وصار يصلى لكى يرحمه الله.واثناء صلاته نزل رئيس الملائكة الجليل ميخائيل وشعر الجميع بزلزلة قوية.وخاطب القديس قائلا:" طوباك يااباسخيرون ياشهيد الرب يسوع المسيح،لانك صبرت على اسمه حتى الموت.واليوم ارسلت اليك لاحفظ جسدك وامضى بهى الى البيعة التى امرنى الرب ان امضى به اليها،واحفظه الى يوم يشاء الرب بقيامته،وسوف تظهر من جسدك ايات واعجائب كثيرة،والموضع الذى انت فيه الان (اسيوط)سوف تبنى فيه بيعة،والان ايها المجاهد التفت لتكمل جهادك وتصل الى السماء،لان جمعا كثيرا من الشهداء والقديسين وصفوف الملائكة ينتظهرونك ويفرحون بلقائك".
ولما فرغ الملاك من مخاطبته صار وجهه يلمع بضياء كثير،والتفت الى الجنود الذين صرخوا نحن مسيحيون،وقال لهم:"ياخوة لاتتوانوا عن خلاص نفوسكم،ها الجهاد مبسوط،والاكاليل معدة...."
امر الوالى بقطع راس القديس،وانطلقت روحه الى ملكوت السموات .
"بركة صلاة القديس تكون معنا ، امين".........
،وكان ذلك فى عهد الامبراطور الوثنى دقلديانوس (284-305م)الذى اصدر منشورا بهدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة ومعاقبة كل من يخالف اوامره.
عندما وصل هذا المنشور لمنطقة اتريب خضع عدد كبير من الناس للاوامر،وجمع قادة الفرق كل جنودهم لتقديم واجبات العبادة للاوثان حسب اوامر الملك،اما القديس اباسخيرون فرفض السجود امام مندوب الامبراطور ووالى اتريب وكل قادة الجنود،فقام الوالى ولطمه لطمة قوية امرا اياه بتنفيذ الامر العسكرى. لكن القديس فى شجاعة خلع منطقته العسكرية،فامر الوالى بالقبض على القديس وطرحه فى السجن تمهيدا لمحاكمته.
اثناء وجود القديس فى السجن كان يصلى من قلبه قائلا:" يارب اسمع صلاتى،استجب لدعائى واسرع لمعونتى واسترنى بظل رعايتك،فان لك المجد ايها الثالوث القدوس". ولما فرغ من صلاته،اضاء السجن بنور شديد وظهر له ملاك الرب ليشجعه ويثبته ويعلمه بالاكاليل المعده له،وظل القديس شاخصا الى فوق يشاهده.
فى صباح اليوم التالى اجتمع اهالى اتريب لينظروا ما سيحدث للقديس،وامر الوالى باستدعاء القديس من السجن،ولما حضر القديس،وقف امامه فى هدوء،فطلب منه الوالى التبخير للالهة الوثنية بدلا من قتله امام جميع الشعب المجتمع.فرفض القديس التهديد واعلن ايمانه جهارا بالرب يسوع.فوثب الوالى ولطمه مرة اخرى. فثارات الجموع المحتشدة، لانه حسب القانون الرومانى لا يجوز معاقبة جندى فى الجيش الرومانى الا بتفويض مباشرمن الملك للوالى بذلك او بامر مقدم الملك.وامام اصرار القديس وثباته امام الاهانات والتهديدات بالموت الوحشى،اراد الوالى ارساله الى اريانوس والى انصنا الاكثر بطشا.
ارسل القديس الى انصنا فى سفينة شراعية وهو مقيدا بالاغلال فى حراسة اربعة جنود كانوا يعاملونه بدون ادنى رحمة،بل انهم اضافوا اليه اغلال اخرى حول راسه ووسطه ونزعوا عنه بعض ثيابه امعانا فى اذلاله امام الجموع.
اثناء رحلته لانصنا كانت مواعيد الله وتشجيعاته للقديس واصحة جدا،وكان القديس يصلى فى المركب وهو مثقلا باوزان القيود،وارادوا ان يزيدوا من عذابه وهم فى طريقهم الى انصنا فالقوه فى خن السفينة الشراعية الضيق المظلم وقيدوه فيه ليزيدوا ضيقه حزنا كما كانوا يتوقعون.وفى خن السفينه كان القديس يسبح ويصلى صلاة حارة بقلب مفعم بالايمان،وصلى للرب قائلا:" يالله الاب ضابط الكل وابنك الحبيب يسوع المسيح وروحك القدوس،ها انا اتضرع اليك واطلب من مراحمك ياسيدى ان تمجد اسمك القدوس فى هذه الساعة كما انه ممجد من الازل والى الابد،امين".
فى الحال توقفت السفينة عن السير فى وسط النيل وانفكت الاغلال من القديس وسقطت وصعد القديس الى سطح السفينه.وسمع الجنود صوتا من السماء-دون ان يروا-قائلا للقديس:" لاتخف ياحبيبى اباسخيرون،انا يسوع الذى امنت به،انا معك واقويك فى شدائدك".
وشاهد الجند القديس وهو يسجد ويصرخ قائلا:" ياسيدى الرب انت رجائى وقوتى".
خاف الجنود جدا من القديس لكنه سمح لهم فى وداعه ان يعيدوا ربطه مرة اخرى لئلا يعاقبهم القائد،فقيدوه واعادوه الى خن المركب وهم مذهولون مما جرى.
ولما كانت السفينة لا تتحرك،طلب القديس من الرب قائلا:" ياسيدى يسوع المسيح لتامر الريح ان تحرك السفينة لقبلى بقوتك".
وفى الحال هبت رياح اسرعت بالسفينة وسط النيل حتى وصلت لمرسى السفن فى مدينة انصنا وعلم الجند من زملائهم بالمدينة ان الوالى قد مضى الى مدينة اسيوط،فتحركت السفينة بالقديس يحرسه الجند حتى وصلت مدينة اسيوط.
عقدت محاكمة القديس هناك ومعه سجناء اخرين من اسوان واسنا ومدن اخرى وكانت لهم نفس تهمة القديس الا وهى رفض السجود لاوثان الامبراطور،واخذ القديس يشد من ازرهم ويشجعهم على نوال الاكاليل السمائية.
فى المحاكمة امام اريانوس قراوا قضيته بانه رفض السجود لالهة المملكة،ورفض جنديته،وسب الوالى والامبراطور.فطلب منه الوالى اريانوس ان يتكلم،اما القديس فلم ينطق،وهنا اجاب احد مشيرى الوالى بان اباسخيرون من ضمن المسيحيين السحرة،فامر الوالى بتعذيبه وتمزيق جسده جلدا بالسياط،ولم يكتف بهذا،بل امر بسحله فى الشوارع وبعد ان فعلوا،امره الوالى ان يبخر للاوثان والا سيعذبه باقسى الطرق الرومانية الما،فلم يلتفت القديس الشجاع لتهديداته.
امر الوالى بان يوضع القديس فى كيس ضخم مملوء من الرصاص الساخن ويغلق عليه،ولكن عندما القى فى الكيس رسم عليه علامة الصليب فسقط قاع الكيس،فثار اريانوس وصرخ فى وجه القديس قائلا: " لابد ان اقتلك ايها المرذول الان".
استمر الجنود فى تعذيبه.اما القديس الشجاع اباسخيرون فكان يحتمل تلك الالام فى شجاعه،ثم امر ارياتوس ان يكشطوا جلد راسه الى اسفل رقبته،وان يربطوه فى فرس يطوف به كل تخوم اسيوط ويصيحون امامه: هذا جزاء من لا يخضع لاوامر الملوك ويرفع البخور للالهة.اما القديس فقد كانت دماؤه تسكب على ارض الشارع وهو شاكر ومسبح للرب.
عندما جلس الوالى مرة اخرى لمحاكمة المسيحيين قضى بتعذيب اخوين بالعصر حتى الموت،وبصلب اثنين اخرين وتسميرهما على صليب وايديهما مربوطة الى خلف حتى الموت،وحكم باحكام عديدة اخرى.
التفت الوالى يسال عن القديس،فاحضروه له وهو فى حالة اشبه بميت وقال له: اشفق على نفسك وارفع البخور لئلا تموت موتة رديئة. فرفض القديس.
امر الوالى بوضعه على الهنبازين،وامر ستة جنود عمالقة ان يعصروه. اما القديس فقد رشم علامة الصليب،فانكسر الهنبازين الى جزئين.ثم حدثت زلزلة هزت اسيوط كلها وانكفا الوالى على وجهه بكرسية وحدث هرج فى معسكر المحكمة،وخاف الوالى اريانوس والجنود جدا ولما هدات انفسهم،اعادوا الكرة مرة اخرى على جهاز هنبازين اخر.تقدم القديس بهدوء ورشم عليه علامة الصليب المقدسة فخرجت من الجهاز نار احرقتهم.فثار الوالى فى وجه القديس وصرخ قائلا:" ايها المرذول القوى فى سحرك لابد ان اقتلك الان".
امر بان ينزلوه من على الهنبازين ويقيدوه ويضعوه فوق سرير حديد ويشعلوا النار من تحته،ففعلوا.
جلس الوالى يراقب مايحدث للقديس الذى ظل ساكنا غير متوجع لان قوة الهه القوى كانت تحرسه،فاغتاظ اريانوس وجدف على اسم المسيح،فتنبا القديس وقال له: " بما انك جدفت على اسم الهى الذى لم تؤمن بقوته،فسوف تلهب النار احشاءك....."
لم يتمم القديس قوله حتى دخل الى مجلس الوالى غلام يلهث واتجه للوالى وقال له:"ياسيدى الوالى ان ابنك كان فى الحمام وعندما سكبوا عليه قليلا من الماء وقع ميتا".
فاضطرب الوالى جدا وتحققت نبؤة القديس اباسخيرون بان احشاءه ستلتهب.
امر الوالى بسرعة بان يطرحوا القديس فى مستوقد النار الذى بالحمام ويغلقوا عليه الباب.ثم سافر الوالى اريانوس الى بيته وصنع مناحة عظيمة على ابنه الذى مات.
بعد ايام رجع وطلب ان يعرف اخبار عن هذا الجندى المسيحى الذى كان يعانده. وبعد سته ايام كامله فتح الجند المستوقد فى حذر اذ كانوا يتوقعون ان يحفظه الهه القوى كما حدث مع بعض المسيحيين من قبل. ولما فتحوا المستوقد سقطوا الى الخلف من شدة الدهشه اذ وجدوا القديس واقفا على رجليه وسط اتون النار الذى لفح وجوههم من شدته،وكان يسبح الهه،وكان رئيس الملائكة الجليل ميخائيل قد نزل من السماء وجعل الاتون مملوء بريح ونسيم بارد،وشفى جراحاته.فرجعوا واخبروا الوالى.
امر الوالى باحضاره وكان ينتظر مقابلته وهو متضايق لما يحدث وخصوصا انه يجلس فى ولايه غير ولايته وخاف من سخريه والى اسيوط ومعاونيه،ونسب ذلك امامهم لقوة سحر المسيحيين،فاشاروا عليه باحضار اشهر السحرة وامهرهم ويدعى الكسندروس،فامر باحضاره على الفور فحضر الساحر وقام بوضع سم فى كاس وتلى عليه بعض التعاويذ السحرية،وبكل افتخار اعطاها للقديس ليشربها،فرشم القديس علامة الصليب على الكاس ثم شرب منه،وظهرت على القديس علامات السرور،ولم يصب باى اذى،فتعجب الساحر،وهنا قال القديس للساحر: "ان رئيس الشياطين الذى تستعين به يدخل فيك ويعذبك"،وفى الحال صرخ الساحر صرخة مريرة وصرعه الشيطان وصار يعذبه فقال القديس للساحر:" ان اعترفت وامنت بالهى،سيفارقك الشيطان"، فاعلن الساحر ايمانه علانية بالرب يسوع،فخرج الشيطان فورا منه،وفى الحال امر الوالى بقطع راس الساحر ونال اكليل الشهادة.
عاود اريانوس تعذيب القديس،ووضعه على المعصرة مرة اخرى،ولم يقدر ايضا الجنود على ادارتها.واعاد محاولة القائه فى الاتون بعد ان ملاه بالزفت،ولكن الله الذى انقذه فى المرة الاولى جعل النار لا تمسه باذى.
كان القديس يرفع صوته بالصلاة امام الجموع قائلا:" اسبحك واشكرك ياسيدى المحبوب،ربى يسوع المسيح.يامن ادركتنى بنعمتك،امجدك لانك حسبتنى من عبيدك.اتبعك ياسيدى بكل قلبى،فلا تنسانى بمراحمك.لقد حملت الصليب وتبعتك،فلا تحسبنى غريبا عن مدينتك المقدسة.احفظنى واعنى ولا تتركنى."
اثناء الصلاة ظهر للقديس ملاك الرب وخاطبه قائلا:"طوباك يااباسخيرون لانك
صبرت من اجل الرب يسوع المسيح حتى الموت،تشجع لتكمل جهادك وتنال الاكليل غير المضمحل".
اما الوالى فقد نفد صبره وامر بان يؤتى اليه بقضبان حديد محماة بانار ويضعونها فى عينيه واذنيه. ووسط هذه الالام صاح القديس قائلا: "ايها الوالى اذ كنت اعميت عينى الظاهرتين،فان لى عينين روحيتين ابصربهما،ولا تصل انت اليهما،ليس مجد هذا العالم عندى شى ".
فى تلك الساعه نزل رئيس الملائكة الجليل ميخائيل وبسط اجنحته على عينى القديس فابصر للوقت وشفيت جراحاته.فازداد الوالى حنقا ظانا ان هذا كله بقوة السحر.فعاد ولاطف القديس بكلام ووعود،وقدم له الصنم ابلون لكى يسجد امامه،اما القديس فقد ركل الصنم فوقع وتحطم.فاسف الوالى على ابلون،وقال للقديس: من الان لا اعود اشفق عليك:.وامر جنوده بان يقطعوا يديه ورجليه لانه ركل الصنم ابلون،ففعلوا.
اما القديس فتوجه بوجهه للشرق وصار يصلى لكى يرحمه الله.واثناء صلاته نزل رئيس الملائكة الجليل ميخائيل وشعر الجميع بزلزلة قوية.وخاطب القديس قائلا:" طوباك يااباسخيرون ياشهيد الرب يسوع المسيح،لانك صبرت على اسمه حتى الموت.واليوم ارسلت اليك لاحفظ جسدك وامضى بهى الى البيعة التى امرنى الرب ان امضى به اليها،واحفظه الى يوم يشاء الرب بقيامته،وسوف تظهر من جسدك ايات واعجائب كثيرة،والموضع الذى انت فيه الان (اسيوط)سوف تبنى فيه بيعة،والان ايها المجاهد التفت لتكمل جهادك وتصل الى السماء،لان جمعا كثيرا من الشهداء والقديسين وصفوف الملائكة ينتظهرونك ويفرحون بلقائك".
ولما فرغ الملاك من مخاطبته صار وجهه يلمع بضياء كثير،والتفت الى الجنود الذين صرخوا نحن مسيحيون،وقال لهم:"ياخوة لاتتوانوا عن خلاص نفوسكم،ها الجهاد مبسوط،والاكاليل معدة...."
امر الوالى بقطع راس القديس،وانطلقت روحه الى ملكوت السموات .
"بركة صلاة القديس تكون معنا ، امين".........