وُلدت هذه القديسة في مدينة الرُها وتيتمت في سن الطفولة، فأتى بعض من جيرانها إلى القديس المتوحد الأنبا إبراهيم وذلك لأنه عمها بالجسد. وقد فكر هذا الأب في كيفية تربية هذه الصغيرة، واهتدى تفكيره إلى أن يُسكنها في الغرفة الداخلية لقلايته، وأخذ يقوم بتربيتها في حب وحنان أبوي معلمًا إياها طريق الفضيلة فشبت على حب العبادة والنسك.
لما كبرت الصبية ووصلت إلى سن الشباب وبناء على رغبتها أقام لها عمها الأب إبراهيم قلاية بالقرب منه، وكان يرشدها في كيفية الانتصار على حرب الشيطان أقامت هذه الراهبة في قلايتها تنمو في القامة الروحية، ناظرة إلى حياة التقوى والفضيلة وإلى مسيحها الذي أحبها وأسلم نفسه عنها. وقد استمرت على هذا الحال إلى أن بلغت العشرين من عمرها.
زنا فيأس
وقد دبر عدو الخير حيلة ماكرة لإسقاط تلك الراهبة المتوحدة، فكان في ذلك الوقت يتردد على الأب إبراهيم أحد الاخوة لكي يسترشد به في حياته الروحية، فنظر ذات مرة هذه الراهبة ومن الناحية الأخرى استمال الشيطان قلب مريم إلى حياة الفتور الروحي، فتردد هذا الشاب على معلمه كثيرًا ولكن بغرض أن ينظر إلى تلك الراهبة نظرات شريرة. ولما تحين الوقت المناسب لخروج الأب إبراهيم ليتمشى ويتأمل في البرية ذهب إليها وسرعان ما استمال قلبها إلى الخطية فسقطت معه في خطية الزنا.
أراد الشيطان أن يقطع جذور هذه الفتاة من تربة الرهبنة بعد هذه السقطة الشريرة، فملك عليها شيطان الكآبة وأحست بشناعة الإثم الذي ارتكبته، وأخذت تلطم خديها وتنتحب وتبكي بشدة وتمنَّت الموت. ومع ذلك منعها شيطان الخجل من أن تقدم توبة وتعترف، ومَلَك عليها شيطان اليأس، وأخذت تقول في نفسها: "ماذا سيفعل عمي؟ إنه سيموت حزنًا عليَّ. لقد أُغلِقَت جميع أبواب المراحم الإلهية في وجهي لأنني نجسة ولست بمستحقة أن أنطق باسم إلهي".
في بيت للرذيلة
خرجت القديسة الساقطة من البرية قاصدة العالم دون أن يعرف عمها ومرشدها الروحي بما حدث لها، ونزلت في أحد المدن وهناك أجهز عليها الشيطان ودبر لها مكان عبارة عن بيت للرذيلة، ومكثت هناك تمارس الخطيئة حوالي العامين كان خلالها القديس إبراهيم في حيرة شديدة وارتباك لا يعرف عنها أي شئ وظن أنها تركت المغارة قاصدة أحد الأماكن في البرية للتأمل والنسك، ولكنه طال انتظاره فتزايد قلقه ومخاوفه عليها.
عمها يكتشف أمرها
وقد وضع الأنبا إبراهيم قانونًا على نفسه بصوم زائد وصلوات كثيرة ودموع غزيرة إلى أن يكشف له الرب ما حدث لابنة أخيه، فبعد وقت ليس بكثير من صومه كشف له الرب في رؤيا وكأن تنينًا ضخمًا دخل إلى قلاية القديسة وأخذ حمامة وافترسها، فأخذ يبكي ثم رأى رؤيا أخرى وكأن التنين انشق وخرجت منه الحمامة سليمة.
فلما استيقظ من نومه أخذ يبكي بصوت عالٍ وينادي ابنة أخيه ولكن ليس من مجيب. وقد طلب من أحد أصدقائه القريبين منه وهو القديس مار إفرام الذي كان يقضي خلوة روحية بجواره أن يبحث معه عن مكان الغائبة لكي يريح الله قلبه، وبعد عدة أيام حضر إليه صديقه مار إفرام وأعلمه أنها في منزل لارتكاب الخطيئة.
التهب قلب هذا الأب حبًا في رجوع الراهبة الساقطة، فتنكر في زي إنسان غريب مغيرًا ملامح هيئته قاصدًا المدينة والمنزل المقيمة فيه هذه الساقطة. ولما دخل المنزل أخذ يتجول بعينيه لعله يجد ضالته المنشودة، ولما لم يرها تصنَّع أنه يريد طعامًا فاخرًا ليأكله. فطلب من أحد المهتمين بهذا العمل إحضاره، فحضرت مريم بعد أن تبدلت ملامحها إلى هذا القريب مقدمة له ما يحتاجه من طعام ومتعة حسبما هو متبع. وكان الأب إبراهيم يلبس ملابس معينة للتخفي ولكنها قد لاحظت أنه يلبس من تحتها ملابس النسك والطهارة وكانت تتنسم منه رائحة بخور، فتذكرت حالاً حياتها الأولى وجهادها في الفضيلة وعمها الأنبا إبراهيم الذي قام على تربيتها وأنشأها على حب الفضيلة والطهارة.
توبتها
فأخذت القديسة تبكي بحرقة وكأنها تذكرت ما فعلته، أما صاحب الفندق فسألها: "يا مريم ما الذي يؤلمك وما الذي يبكيكِ؟" فقالت له: "كنت أود أن أموت قبل ذلك بعامين". فتذكر عمها أنها خرجت من البرية منذ عامين، وتدارك الموقف طالبًا من صاحب الفندق أن يحضر لها مشروبًا وأخذ الأنبا إبراهيم يحدثها عن محبة الله للأشرار والزناة والتائبين وأنه سيغفر لهم إن رجعوا عن شرهم ومعاصيهم، فارتجفت القديسة وأخذت تبكي، فقال لها: "انظري إليَّ فأنا عمك الراهب إبراهيم الذي قد تربيتِ عنده إنني أبحث عنكِ في كل مكان، وأول ما رأيتك أخفيت دموعي لكي لا يشك أحد في شئ ، إن السيد المسيح قال لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، والله لا يشاء موت الخاطئ مثلما يتوب وتحيا نفسه" وفي لحظة وبدون أن يشعر أحد تسلل الاثنان خارج مكان الخطيئة تاركين مكان الإثم والفجور.
إلى قلايتها مرة أخرى
بعد هذه الأحداث دخلت الراهبة إلى قلايتها مرة أخرى باكية حزينة على ما حدث منها، وكان كل من يمر بجوارها يسمع صوت بكاء التوبة. أثناء ذلك انتقل عمها الأنبا إبراهيم إلى أورشليم السمائية عن 85 عامًا وتعيد الكنيسة له في 30 طوبة وعاشت القديسة المجاهدة ما يقرب من خمسة أعوام بعد نياحة عمها في بكاء وتسبيح حزين، وقد أعطاها الله علامة مغفرته لخطيئتها فأنعم عليها بموهبة شفاء المرضى في آخر حياتها ثم مرضت قليلاً وتنيحت بسلام ووجهها يضئ من نعمة التوبة.
لما كبرت الصبية ووصلت إلى سن الشباب وبناء على رغبتها أقام لها عمها الأب إبراهيم قلاية بالقرب منه، وكان يرشدها في كيفية الانتصار على حرب الشيطان أقامت هذه الراهبة في قلايتها تنمو في القامة الروحية، ناظرة إلى حياة التقوى والفضيلة وإلى مسيحها الذي أحبها وأسلم نفسه عنها. وقد استمرت على هذا الحال إلى أن بلغت العشرين من عمرها.
زنا فيأس
وقد دبر عدو الخير حيلة ماكرة لإسقاط تلك الراهبة المتوحدة، فكان في ذلك الوقت يتردد على الأب إبراهيم أحد الاخوة لكي يسترشد به في حياته الروحية، فنظر ذات مرة هذه الراهبة ومن الناحية الأخرى استمال الشيطان قلب مريم إلى حياة الفتور الروحي، فتردد هذا الشاب على معلمه كثيرًا ولكن بغرض أن ينظر إلى تلك الراهبة نظرات شريرة. ولما تحين الوقت المناسب لخروج الأب إبراهيم ليتمشى ويتأمل في البرية ذهب إليها وسرعان ما استمال قلبها إلى الخطية فسقطت معه في خطية الزنا.
أراد الشيطان أن يقطع جذور هذه الفتاة من تربة الرهبنة بعد هذه السقطة الشريرة، فملك عليها شيطان الكآبة وأحست بشناعة الإثم الذي ارتكبته، وأخذت تلطم خديها وتنتحب وتبكي بشدة وتمنَّت الموت. ومع ذلك منعها شيطان الخجل من أن تقدم توبة وتعترف، ومَلَك عليها شيطان اليأس، وأخذت تقول في نفسها: "ماذا سيفعل عمي؟ إنه سيموت حزنًا عليَّ. لقد أُغلِقَت جميع أبواب المراحم الإلهية في وجهي لأنني نجسة ولست بمستحقة أن أنطق باسم إلهي".
في بيت للرذيلة
خرجت القديسة الساقطة من البرية قاصدة العالم دون أن يعرف عمها ومرشدها الروحي بما حدث لها، ونزلت في أحد المدن وهناك أجهز عليها الشيطان ودبر لها مكان عبارة عن بيت للرذيلة، ومكثت هناك تمارس الخطيئة حوالي العامين كان خلالها القديس إبراهيم في حيرة شديدة وارتباك لا يعرف عنها أي شئ وظن أنها تركت المغارة قاصدة أحد الأماكن في البرية للتأمل والنسك، ولكنه طال انتظاره فتزايد قلقه ومخاوفه عليها.
عمها يكتشف أمرها
وقد وضع الأنبا إبراهيم قانونًا على نفسه بصوم زائد وصلوات كثيرة ودموع غزيرة إلى أن يكشف له الرب ما حدث لابنة أخيه، فبعد وقت ليس بكثير من صومه كشف له الرب في رؤيا وكأن تنينًا ضخمًا دخل إلى قلاية القديسة وأخذ حمامة وافترسها، فأخذ يبكي ثم رأى رؤيا أخرى وكأن التنين انشق وخرجت منه الحمامة سليمة.
فلما استيقظ من نومه أخذ يبكي بصوت عالٍ وينادي ابنة أخيه ولكن ليس من مجيب. وقد طلب من أحد أصدقائه القريبين منه وهو القديس مار إفرام الذي كان يقضي خلوة روحية بجواره أن يبحث معه عن مكان الغائبة لكي يريح الله قلبه، وبعد عدة أيام حضر إليه صديقه مار إفرام وأعلمه أنها في منزل لارتكاب الخطيئة.
التهب قلب هذا الأب حبًا في رجوع الراهبة الساقطة، فتنكر في زي إنسان غريب مغيرًا ملامح هيئته قاصدًا المدينة والمنزل المقيمة فيه هذه الساقطة. ولما دخل المنزل أخذ يتجول بعينيه لعله يجد ضالته المنشودة، ولما لم يرها تصنَّع أنه يريد طعامًا فاخرًا ليأكله. فطلب من أحد المهتمين بهذا العمل إحضاره، فحضرت مريم بعد أن تبدلت ملامحها إلى هذا القريب مقدمة له ما يحتاجه من طعام ومتعة حسبما هو متبع. وكان الأب إبراهيم يلبس ملابس معينة للتخفي ولكنها قد لاحظت أنه يلبس من تحتها ملابس النسك والطهارة وكانت تتنسم منه رائحة بخور، فتذكرت حالاً حياتها الأولى وجهادها في الفضيلة وعمها الأنبا إبراهيم الذي قام على تربيتها وأنشأها على حب الفضيلة والطهارة.
توبتها
فأخذت القديسة تبكي بحرقة وكأنها تذكرت ما فعلته، أما صاحب الفندق فسألها: "يا مريم ما الذي يؤلمك وما الذي يبكيكِ؟" فقالت له: "كنت أود أن أموت قبل ذلك بعامين". فتذكر عمها أنها خرجت من البرية منذ عامين، وتدارك الموقف طالبًا من صاحب الفندق أن يحضر لها مشروبًا وأخذ الأنبا إبراهيم يحدثها عن محبة الله للأشرار والزناة والتائبين وأنه سيغفر لهم إن رجعوا عن شرهم ومعاصيهم، فارتجفت القديسة وأخذت تبكي، فقال لها: "انظري إليَّ فأنا عمك الراهب إبراهيم الذي قد تربيتِ عنده إنني أبحث عنكِ في كل مكان، وأول ما رأيتك أخفيت دموعي لكي لا يشك أحد في شئ ، إن السيد المسيح قال لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، والله لا يشاء موت الخاطئ مثلما يتوب وتحيا نفسه" وفي لحظة وبدون أن يشعر أحد تسلل الاثنان خارج مكان الخطيئة تاركين مكان الإثم والفجور.
إلى قلايتها مرة أخرى
بعد هذه الأحداث دخلت الراهبة إلى قلايتها مرة أخرى باكية حزينة على ما حدث منها، وكان كل من يمر بجوارها يسمع صوت بكاء التوبة. أثناء ذلك انتقل عمها الأنبا إبراهيم إلى أورشليم السمائية عن 85 عامًا وتعيد الكنيسة له في 30 طوبة وعاشت القديسة المجاهدة ما يقرب من خمسة أعوام بعد نياحة عمها في بكاء وتسبيح حزين، وقد أعطاها الله علامة مغفرته لخطيئتها فأنعم عليها بموهبة شفاء المرضى في آخر حياتها ثم مرضت قليلاً وتنيحت بسلام ووجهها يضئ من نعمة التوبة.