الأسرار المقدسة
وكنيستنا القبطية تؤمن بالأسرار المقدسة وضرورتها للخلاص، وتؤمن بفاعليتها في حياتنا:
(أ) سر المعمودية:
E لا يوجد خلاص بدون المعمودية.. "الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يو3: 3)، "الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو3: 5)، "مَنْ آمن واعتمد خَلَص، ومَنْ لم يؤمن يُدَن" (مر16: 16)، "ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه – لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته – خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تي3: 4،5).
E وقد مارس الآباء الرسل المعمودية منذ يوم حلول الروح القدس، ومازلنا نقتفي آثارهم.. "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس" (أع2: 38).
E وهو نفس ما فعله فيلبس الرسول مع الخصي الحبشي.. "وفيما هما سائران في الطريق أقبلا على ماء، فقال الخصي: هوذا ماء. ماذا يمنع أن أعتمد؟" (أع8: 36).
E وكذلك معلمنا بولس الرسول وسيلا مع سجان فيلبي.. "اعتمد في الحال هو والذين له أجمعون" (أع16: 33).
E ومعلمنا بطرس الرسول مع كرنيليوس.. "أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قَبِلوا الروح القدس كما نحن أيضًا؟ وأمر أن يعتمدوا باسم الرب" (أع10: 47،48).
E وبولس الرسول مع ليديا.. "اعتمدت هي وأهل بيتها" (أع16: 15).
وللمعمودية فعل باطني سرائري في النفس "لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل3: 27)، وهي دفن مع المسيح "أم تجهلون أننا كلنا من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدُفنا معه بالمعمودية للموت" (رو6: 3،4)، والكنيسة تُعمد الأطفال لأن السيد المسيح أمرنا ألا نمنعهم "دعوا الأولاد يأتون إليَّ ولا تمنعوهم، لأن لمِثل هؤلاء ملكوت الله. الحق أقول لكم: مَنْ لا يقبل ملكوت الله مِثل ولد فلن يدخله" (لو18: 16،17). ولأننا نؤمن أن المعمودية هي نعمة غنية مجانية.. فلذلك نحن لا نمنع النعمة عن الأطفال.
(ب) سر الميرون المقدس:
تؤمن كنيستنا أن الروح القدس يحل علينا، ويسكن فينا عندما نُدهن بالميرون بعد المعمودية "وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس" (أع2: 38).
وبدون الروح القدس لا يمكن للإنسان أن يحيا حياة روحية، أو يكون له نصيب في السماء.. إذًا لابد من هذه المسحة المقدسة "وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء" (1يو2: 20)، "وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم، ولا حاجة بكم إلى أن يُعلِّمكم أحد، بل كما تُعلِّمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء، وهي حق" (1يو2: 27).
وكان قبلاً يُؤخذ الروح القدس بوضع الأيادي "حينئذ وضعا الأيادي عليهم فقبلوا الروح القدس" (أع8: 17). وقد رتب الآباء الرسل هذه المسحة لمنح الروح القدس بدلاً من وضع الأيادي.
(ج) سر الإفخارستيا:
لكي نُدرك أهمية التناول من جسد الرب ودمه.. علينا أن نتأمل هذه الآيات:
"الحق الحق أقول لكم: إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه، فليس لكم حياة فيكم. مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية، وأنا أُقيمه في اليوم الأخير، لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق. مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحي، وأنا حي بالآب، فمن يأكلني فهو يحيا بي. هذا هو الخبز الذي نزل من السماء. ليس كما أكل آباؤكم المَنَّ وماتوا. مَنْ يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد" (يو6: 53-58).
وكنيستنا تُعلِّمنا في القداس أن الجسد والدم "يُعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه" (القداس).. فلا توجد حياة أو خلاص أو غفران بدون التناول من جسد الرب ودمه الأقدسين.
وكنيستنا تؤمن أن الذي على المذبح هو جسد حقيقي ودم حقيقي "لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق" (يو6: 55).
أما موضوع "اصنعوا هذا لذكري" (لو22: 19).. فنحن نعرف أن الذكرى لا تُعني أن الجسد الحاضر على المذبح هو رمز.. بل هو حضور حقيقي وحي للسيد المسيح في القربانة.. فنذكر أعماله، وميلاده، وصليبه، وموته، وقيامته، وصعوده، وجلوسه عن يمين الآب، ومجيئه الثاني للدينونة.. "هوذا كائن معنا على هذه المائدة اليوم عمانوئيل إلهنا" (قسمة أعياد الملائكة).
"عمانوئيل في وسطنا الآن" (لحن ابؤرو). فليس المسيح إلهًا غائبًا أو ميتًا حتى نصنع له تذكارًا.. بل هو حي وحاضر كل يوم على المذبح في سر الإفخارستيا.
(د) سر التوبة والاعتراف:
لا يكون خلاص بدون توبة.. التوبة لازمة لكل إنسان في كل مراحل عمره، وفي كل أطوار علاقته مع المسيح "إن قلنا: إنه ليس لنا خطية نُضلُّ أنفسنا وليس الحق فينا" (1يو1: . ولا تُحسب التوبة توبة بدون اعتراف "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويُطهرنا من كل إثم" (1يو1: 9).
والكتاب المقدس يتوافق مع فكر الكنيسة من جهة الاعتراف "مَنْ يكتم خطاياه لا ينجح، ومَنْ يُقر بها ويتركها يُرحم" (أم28: 13)، وكذلك في العهد الجديد "وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مُقرين ومُخبرين بأفعالهم" (أع19: 18). وهذا ما عمله الناس مع يوحنا المعمدان "واعتمدوا منه في الأردن، مُعترفين بخطاياهم" (مت3: 6). لذلك قيل "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات" (يع5: 16). لذلك أعطى السيد المسيح كهنته سلطان الحِلْ والربط وغفران الخطايا "اقبلوا الروح القدس. مَنْ غفرتم خطاياه تُغفر له، ومَنْ أمسكتم خطاياه أُمسكت" (يو20: 22،23)، "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء" (مت18: 18).
كيف إذن يخلص إنسان خارج الكنيسة بدون كل هذه الأسرار المقدسة؟
(هـ) سر مسحة المرضى:
كنيستنا تتميز بأنها تصلي عن المرضى، وتدهنهم بالزيت حسب أمر الرب "أمريض أحد بينكم؟ فليدع شيوخ الكنيسة فيُصلُّوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب، وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يُقيمه، وإن كان قد فعل خطية تُغفر له" (يع5: 14،15).
وهذا بعينه ما فعله آباؤنا الرسل حيث "دهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم" (مر6: 13).
وهناك طوائف أخرى تنتقدنا على استخدامنا للزيت في دهن المرضى ويتناسون أنه أمر كتابي مقدس، وتسليم رسولي طاهر، وممارسة قديمة في الكنيسة منذ الأجيال الأولى.
(و) سر الزيجة:
كنيستنا تنظر إلى الزواج على أنه سر مُقدس بحضور الثالوث القدوس، وليس مجرد عقد بين اثنين بتوقيع شهود كثيرين "فالذي جَمَعَهُ الله لا يفرقه إنسان" (مت19: 6).
إن الله في الأرثوذكسية هو الذي يُجمّع الزوجين ويحل فيهما، لذلك لا تسمح الأرثوذكسية بالطلاق إلا في حالة الزنا حسب تعليم المسيح نفسه "وأقول لكم: إن مَنْ طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني، والذي يتزوج بمُطلقة يزني" (مت19: 9).
وإننا نتعجب من كنائس أخرى مسيحية لا تلتزم بالإنجيل في هذا الأمر، ويسمحون بالطلاق، وبزواج المطلقة بدون شروط أو قيود ثم يدّعون أنهم إنجيليون!
(7) الكتاب المقدس
نعرف أن كل الطوائف تستند إلى الكتاب المقدس وتحترمه.. ولكن ما يُميز كنيستنا القبطية أنها:
(أ) تؤمن بكل الكتاب المقدس:
فلا يوجد عندنا أسفار محذوفة.. بل نؤمن أن "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر" (2تي3: 16)، "لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21).
ونحن ملتزمون بطاعة كل الكتاب المقدس.. وليس من سلطاننا أن نحذف أسفارًا لا تتمشى مع أهوائنا.. إن الكنيسة تخضع للكتاب المقدس وليس العكس.
وعقيدتنا مستمدة من الكتاب المقدس وخاضعة له، وليس الكتاب هو الذي يتعرض لحذف أجزاء منه لا تتوافق مع العقيدة.
(ب) تؤمن بالعهد القديم وتحترمه:
فالسيد المسيح نفسه كان يصادق على صحة العهد القديم "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأُكمل" (مت5: 17)، وكان يستشهد بمواقف وآيات عديدة من العهد القديم.
ونحن نؤمن أن العهد القديم لم يُلغ بل تغيّر دون أن يُنقض..
هناك أجزاء تحققت في العهد الجديد وهي النبوات، ولا يُمكن فهم العهد الجديد بدون الرجوع إليها.. وهناك أجزاء تحولت من الرمز إلى الحقيقة مثل: الختان، والذبائح، وشرائع التطهير، والأمور الطقسية.. وأجزاء أخرى مثل الشريعة الأدبية ترقت إلى الوضع المسيحي (راجع الموعظة على الجبل "مت5،6،7"). ولكن مازال في نظر الكنيسة العهد القديم هو الأساس الذي بُني عليه العهد الجديد وربنا يسوع المسيح هو حجر الزاوية.
(ج) تلتزم بكل النصوص الكتابية:
المنحرفون يعتمدون على آية واحدة.. أما الكنيسة فترى أن الكتاب المقدس ليس آية واحدة أو عدة آيات.. إنما هو روح، وحياة تتمشى في الكتاب كله.
والآية الواحدة تُفهم في ضوء السياق العام للكتاب، وفي ضوء ظروف وملابسات كتابتها، وما قبلها وما بعدها من آيات، لأن بعض الآيات تُفهم بوضوح من تكملتها.. "لأن مَنْ مِنَ الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه؟ هكذا أيضًا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذي من الله، لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله، التي نتكلم بها أيضًا، لا بأقوال تُعلِّمها حكمة إنسانية، بل بما يُعلِّمه الروح القدس، قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو2: 11-13).
(د) التفسير:
والكنيسة تفهم الكتاب المقدس على ضوء ما قَبِله الآباء، وعلّموه، وسلّموه إلينا. وهذا ما تم شرحه في شرح مفهوم التسليم الآبائي. "ولكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم، فليكن أناثيما" (غل1: .
وكنيستنا القبطية تؤمن بالأسرار المقدسة وضرورتها للخلاص، وتؤمن بفاعليتها في حياتنا:
(أ) سر المعمودية:
E لا يوجد خلاص بدون المعمودية.. "الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يو3: 3)، "الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو3: 5)، "مَنْ آمن واعتمد خَلَص، ومَنْ لم يؤمن يُدَن" (مر16: 16)، "ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه – لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته – خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تي3: 4،5).
E وقد مارس الآباء الرسل المعمودية منذ يوم حلول الروح القدس، ومازلنا نقتفي آثارهم.. "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس" (أع2: 38).
E وهو نفس ما فعله فيلبس الرسول مع الخصي الحبشي.. "وفيما هما سائران في الطريق أقبلا على ماء، فقال الخصي: هوذا ماء. ماذا يمنع أن أعتمد؟" (أع8: 36).
E وكذلك معلمنا بولس الرسول وسيلا مع سجان فيلبي.. "اعتمد في الحال هو والذين له أجمعون" (أع16: 33).
E ومعلمنا بطرس الرسول مع كرنيليوس.. "أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قَبِلوا الروح القدس كما نحن أيضًا؟ وأمر أن يعتمدوا باسم الرب" (أع10: 47،48).
E وبولس الرسول مع ليديا.. "اعتمدت هي وأهل بيتها" (أع16: 15).
وللمعمودية فعل باطني سرائري في النفس "لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل3: 27)، وهي دفن مع المسيح "أم تجهلون أننا كلنا من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدُفنا معه بالمعمودية للموت" (رو6: 3،4)، والكنيسة تُعمد الأطفال لأن السيد المسيح أمرنا ألا نمنعهم "دعوا الأولاد يأتون إليَّ ولا تمنعوهم، لأن لمِثل هؤلاء ملكوت الله. الحق أقول لكم: مَنْ لا يقبل ملكوت الله مِثل ولد فلن يدخله" (لو18: 16،17). ولأننا نؤمن أن المعمودية هي نعمة غنية مجانية.. فلذلك نحن لا نمنع النعمة عن الأطفال.
(ب) سر الميرون المقدس:
تؤمن كنيستنا أن الروح القدس يحل علينا، ويسكن فينا عندما نُدهن بالميرون بعد المعمودية "وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس" (أع2: 38).
وبدون الروح القدس لا يمكن للإنسان أن يحيا حياة روحية، أو يكون له نصيب في السماء.. إذًا لابد من هذه المسحة المقدسة "وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء" (1يو2: 20)، "وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم، ولا حاجة بكم إلى أن يُعلِّمكم أحد، بل كما تُعلِّمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء، وهي حق" (1يو2: 27).
وكان قبلاً يُؤخذ الروح القدس بوضع الأيادي "حينئذ وضعا الأيادي عليهم فقبلوا الروح القدس" (أع8: 17). وقد رتب الآباء الرسل هذه المسحة لمنح الروح القدس بدلاً من وضع الأيادي.
(ج) سر الإفخارستيا:
لكي نُدرك أهمية التناول من جسد الرب ودمه.. علينا أن نتأمل هذه الآيات:
"الحق الحق أقول لكم: إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه، فليس لكم حياة فيكم. مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية، وأنا أُقيمه في اليوم الأخير، لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق. مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحي، وأنا حي بالآب، فمن يأكلني فهو يحيا بي. هذا هو الخبز الذي نزل من السماء. ليس كما أكل آباؤكم المَنَّ وماتوا. مَنْ يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد" (يو6: 53-58).
وكنيستنا تُعلِّمنا في القداس أن الجسد والدم "يُعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه" (القداس).. فلا توجد حياة أو خلاص أو غفران بدون التناول من جسد الرب ودمه الأقدسين.
وكنيستنا تؤمن أن الذي على المذبح هو جسد حقيقي ودم حقيقي "لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق" (يو6: 55).
أما موضوع "اصنعوا هذا لذكري" (لو22: 19).. فنحن نعرف أن الذكرى لا تُعني أن الجسد الحاضر على المذبح هو رمز.. بل هو حضور حقيقي وحي للسيد المسيح في القربانة.. فنذكر أعماله، وميلاده، وصليبه، وموته، وقيامته، وصعوده، وجلوسه عن يمين الآب، ومجيئه الثاني للدينونة.. "هوذا كائن معنا على هذه المائدة اليوم عمانوئيل إلهنا" (قسمة أعياد الملائكة).
"عمانوئيل في وسطنا الآن" (لحن ابؤرو). فليس المسيح إلهًا غائبًا أو ميتًا حتى نصنع له تذكارًا.. بل هو حي وحاضر كل يوم على المذبح في سر الإفخارستيا.
(د) سر التوبة والاعتراف:
لا يكون خلاص بدون توبة.. التوبة لازمة لكل إنسان في كل مراحل عمره، وفي كل أطوار علاقته مع المسيح "إن قلنا: إنه ليس لنا خطية نُضلُّ أنفسنا وليس الحق فينا" (1يو1: . ولا تُحسب التوبة توبة بدون اعتراف "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويُطهرنا من كل إثم" (1يو1: 9).
والكتاب المقدس يتوافق مع فكر الكنيسة من جهة الاعتراف "مَنْ يكتم خطاياه لا ينجح، ومَنْ يُقر بها ويتركها يُرحم" (أم28: 13)، وكذلك في العهد الجديد "وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مُقرين ومُخبرين بأفعالهم" (أع19: 18). وهذا ما عمله الناس مع يوحنا المعمدان "واعتمدوا منه في الأردن، مُعترفين بخطاياهم" (مت3: 6). لذلك قيل "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات" (يع5: 16). لذلك أعطى السيد المسيح كهنته سلطان الحِلْ والربط وغفران الخطايا "اقبلوا الروح القدس. مَنْ غفرتم خطاياه تُغفر له، ومَنْ أمسكتم خطاياه أُمسكت" (يو20: 22،23)، "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء" (مت18: 18).
كيف إذن يخلص إنسان خارج الكنيسة بدون كل هذه الأسرار المقدسة؟
(هـ) سر مسحة المرضى:
كنيستنا تتميز بأنها تصلي عن المرضى، وتدهنهم بالزيت حسب أمر الرب "أمريض أحد بينكم؟ فليدع شيوخ الكنيسة فيُصلُّوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب، وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يُقيمه، وإن كان قد فعل خطية تُغفر له" (يع5: 14،15).
وهذا بعينه ما فعله آباؤنا الرسل حيث "دهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم" (مر6: 13).
وهناك طوائف أخرى تنتقدنا على استخدامنا للزيت في دهن المرضى ويتناسون أنه أمر كتابي مقدس، وتسليم رسولي طاهر، وممارسة قديمة في الكنيسة منذ الأجيال الأولى.
(و) سر الزيجة:
كنيستنا تنظر إلى الزواج على أنه سر مُقدس بحضور الثالوث القدوس، وليس مجرد عقد بين اثنين بتوقيع شهود كثيرين "فالذي جَمَعَهُ الله لا يفرقه إنسان" (مت19: 6).
إن الله في الأرثوذكسية هو الذي يُجمّع الزوجين ويحل فيهما، لذلك لا تسمح الأرثوذكسية بالطلاق إلا في حالة الزنا حسب تعليم المسيح نفسه "وأقول لكم: إن مَنْ طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني، والذي يتزوج بمُطلقة يزني" (مت19: 9).
وإننا نتعجب من كنائس أخرى مسيحية لا تلتزم بالإنجيل في هذا الأمر، ويسمحون بالطلاق، وبزواج المطلقة بدون شروط أو قيود ثم يدّعون أنهم إنجيليون!
(7) الكتاب المقدس
نعرف أن كل الطوائف تستند إلى الكتاب المقدس وتحترمه.. ولكن ما يُميز كنيستنا القبطية أنها:
(أ) تؤمن بكل الكتاب المقدس:
فلا يوجد عندنا أسفار محذوفة.. بل نؤمن أن "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر" (2تي3: 16)، "لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21).
ونحن ملتزمون بطاعة كل الكتاب المقدس.. وليس من سلطاننا أن نحذف أسفارًا لا تتمشى مع أهوائنا.. إن الكنيسة تخضع للكتاب المقدس وليس العكس.
وعقيدتنا مستمدة من الكتاب المقدس وخاضعة له، وليس الكتاب هو الذي يتعرض لحذف أجزاء منه لا تتوافق مع العقيدة.
(ب) تؤمن بالعهد القديم وتحترمه:
فالسيد المسيح نفسه كان يصادق على صحة العهد القديم "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأُكمل" (مت5: 17)، وكان يستشهد بمواقف وآيات عديدة من العهد القديم.
ونحن نؤمن أن العهد القديم لم يُلغ بل تغيّر دون أن يُنقض..
هناك أجزاء تحققت في العهد الجديد وهي النبوات، ولا يُمكن فهم العهد الجديد بدون الرجوع إليها.. وهناك أجزاء تحولت من الرمز إلى الحقيقة مثل: الختان، والذبائح، وشرائع التطهير، والأمور الطقسية.. وأجزاء أخرى مثل الشريعة الأدبية ترقت إلى الوضع المسيحي (راجع الموعظة على الجبل "مت5،6،7"). ولكن مازال في نظر الكنيسة العهد القديم هو الأساس الذي بُني عليه العهد الجديد وربنا يسوع المسيح هو حجر الزاوية.
(ج) تلتزم بكل النصوص الكتابية:
المنحرفون يعتمدون على آية واحدة.. أما الكنيسة فترى أن الكتاب المقدس ليس آية واحدة أو عدة آيات.. إنما هو روح، وحياة تتمشى في الكتاب كله.
والآية الواحدة تُفهم في ضوء السياق العام للكتاب، وفي ضوء ظروف وملابسات كتابتها، وما قبلها وما بعدها من آيات، لأن بعض الآيات تُفهم بوضوح من تكملتها.. "لأن مَنْ مِنَ الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه؟ هكذا أيضًا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذي من الله، لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله، التي نتكلم بها أيضًا، لا بأقوال تُعلِّمها حكمة إنسانية، بل بما يُعلِّمه الروح القدس، قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو2: 11-13).
(د) التفسير:
والكنيسة تفهم الكتاب المقدس على ضوء ما قَبِله الآباء، وعلّموه، وسلّموه إلينا. وهذا ما تم شرحه في شرح مفهوم التسليم الآبائي. "ولكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم، فليكن أناثيما" (غل1: .