صحة الكتاب المقدس
أقول لك أخي أن هذا الكتاب قد واجه هجمات كثيرة من الشرق والغرب بدعوى تحريفه ولكن لم يقم دليل واحد لإثبات هذه الدعوى الباطلة ولم يستطع أحد أن يحضر لنا النسخة (الصحيحة) المزعومة الخالية من التحريف! ولا أن يدلنا عن زمان ومكان هذا التغير المزعوم! ولا من اللذين قاموا به!
وكذلك الحال بالنسبة لدعوى التحريف نفسها، وهل تمت بالاضافة أم بالحذف أم بالإبدال في الألفاظ أم بالتأويل في المعاني؟ وسواء كان التحريف لفظياً أو تقديراً فهل صار بمعرفة وقصد من الفاعل أم وقع سهواً وبدون معرفة؟ وفي أي قسم من أقسام الكتاب المقدس صار؟ هل في التوراة أو الإنجيل؟ ومعروف أن التوراة (العهد القديم) هي التي كانت عند اليهود ولا زالت موجودة عندهم إلى يومنا هذا، كما أنها موجودة أيضاً عند المسيحيين، وأما الإنجيل (العهد الجديد) فهو الموجود بين أيدينا نحن المسيحيين الذي أوله إنجيل متى وآخره سفر الرؤيا. فأين حدث التحريف يا ترى؟ ونحن نسأل المدعين بتحريف التوراة. من غير التوراة؟ ومتى؟
فلا يعقل أن يغيرها اليهود قبل المسيح لأن المسيح صادق على التوراة التي كانت معهم، بل أن كتبة العهد الجديد اقتبسوا منها في مئات المواضع ما طبقوه على النظام المسيحي ولا يعقل أن يصير التحريف من اليهود بعد زمن المسيح ورسله لأن التوراة منذ ذلك الوقت فصاعدا كانت موجودة بين أيدي المسيحيين، كما أنها كانت موجودة بين أيدي اليهود. فلا يعقل أن اليهود يتجاسرون على تحريف التوراة وهم يعلمون بوجودها عند النصارى، ولا أن يقوم بذلك النصارى وهم يعلمون بوجودها عند اليهود. فكل من الفريقين ما كان ليسكت على هذا التحريف للفريق الآخر فيما لو كان ذلك التحريف المزعوم حقيقة واقعة!!
ومع ذلك فإن التوراة لا زالت باقية عند الفريقين إلى الآن بذات اللغة العبرية التي كتبت بها وصارت مقابلتهما مع بعضهما بواسطة علماء كثيرين فوجدتا في غاية الاتفاق. ولا يعقل أن يتفق اليهود والنصارى على تحريف التوراة لأنهما امتان متضادتان.
أما إذا كان التحريف قد صار من النصارى في الإنجيل فمتى حدث هذا؟ هل قبل القرآن أم بعده؟ لأن القرآن نفسه يشهد بأنه نزل مهيمناً ومصدقاً على التوراة والإنجيل، وهذا يسلتزم احتفاظهما بما فيهما من حقائق إلهيّة...! بل لقد أمر القرآن الذين آمنوا ألاّ يفرقوا بين قرآنهم وبين الذي أُنزل من قبل!
ولا يعقل أن يكون بالكتاب تحريف بعد الإسلام لشهرة الكتاب الفائقة الحد وانتشاره في كل العالم بكل اللغات، ولتعدد الطوائف المسيحية، واحتمال المسيحيين كل أنواع العذاب في سبيل تمسكهم بدينهم، فكيف يرتضون بتحريف إنجيلهم؟ وما هو الباعث لهم على ذلك؟ وهل يكون هذا الباعث أفضل من سعادتهم الأبدية التي سوف يخسرونها بتحريفهم الإنجيل؟ فهل يمكن أن يسلم العقل السليم بإجتماع النصارى الموجودين في كل بقاع العالم المختلفة. بما لهم من لغات متعددة. بل يجهلون لغات بعضهم البعض. كما أنهم كانوا في ذلك الوقت منقسمين الى طوائف ولا زالوا على هذا الخلاف الى يومنا هذا- وكل مذهب منهم ضد الآخر. ومع كل ذلك فإن كل مذهب يثبت آرائه من الكتاب المقدس ذاته، فهل ينتظر أن هذه الطوائف المختلفة تتفق على التحريف؟ أم أن كل واحدة حرفت لصالحها وأخدت الآيات التي تتفق مع عقيدتها فقط؟ والإنجيل هو هو أمسا واليوم و إلى الأبد.
فهل يستطيع القائلون بالتحريف أن يدلونا على مؤرخ ذكر شيئا ولو عابرا عن مؤتمر أو مجمع ضم أجناس البشر من جميع القارات. من يهود ومسيحيين رغم عداوتهم و إختلاف لغاتهم لتحريف الكتاب المقدس- التوراة و الإنجيل؟ وفي أي مكان حدث ذلك؟
إن توجيه اتهام كهذا قبل أن نتهم فيه اليهود أو النصارى نتهم فيه أولا الله عز وجل بالتقصير والعجز عن حفظ كلامه من التغيير.
أخي العزيز، الكتاب المقدس هو كلام الله، وهو سبحانه وتعالى يخلق ويحي ويميت بكلمته فكيف يسمح بأن يعبث بكلامه عابث حاشا لله. و يحذر الله سبحانه وتعالى تحذيرا مخيفا كل من تسول له نفسه التفكير في تغيير كلمته وورد في الإنجيل الشريف "إني أحذر كل من يزيد يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب . وإن كان أحد يحدف من أقوال هذه النبوة يحدف الله نصيبه من سفر الحياة......."
و في القرآن الكريم أيضا تحذيرا لمن يحاول تغيير كلمة الله وقد ورد بوضوح لا غبار عليه، أن الله قوي، وكلمته غير قابلة للتغيير أو التبديل. جاء في سورة الأنعام آية 115 _" وََتمَتْ كَلِمَةُ رَبِّك صِدْقًا وَعَدْلًا ولاَ مُبَّدِلُُ لِكَلِمَتِه ِو هُوَ السَمِيعُ العَلِيم."
ولما كان من غير الممكن تبديل كلمة الله كما جاء في التوراة و الإنجيل والزبور على حدِّ ما جاء في القرآن الكريم، سورة المائدة. فلو كان مستلم الوحي الأول(أو الكتب المقدسة) قد أفسد متن هذا الوحي، لكان ذكر في القرآن الكريم. لذا، فمن الواضح الجلي أن الكتب المقدسة السابقة لفترة تدوين القرآن الكريم، تعتبر كمرشد أمين، جدير بالثقة، يعول عليه كثيرا و كليا ككلمة الله. فلقد كان عمر الإنجيل ستمائة سنة، وعمر التوراة حوالي ألفي سنة. إن المخطوطات القديمة والمتداولة قبيل زمن النبي محمد تؤيد الرسالة الحالية الموجودة في الكتب المقدسة. ولقد حفضت هذه الكتب من غير تحريف أو تبديل، بقوة الله وسلطانه الأبدي. وحفضت مخطوطات كتب الله بلغاتها الأصلية في مختلف المتاحف وخزائن الكتب إلى يومنا هذا . وثم أكثر من خمسة آلاف مخطوط إلى جانب ترجمات معروضة في أشهر المكتبات ليراها الجميع فحمدا لله لأنه صان الكتب التي أوحى بها فقد دونت قبل الهجرة بمئآت السنين .