تكوين 6: 5-10 2 بطرس 1 : 3-4
خلفية الكلام في الشاهدين هي أيام أخيرة شريرة، صعبة جدًا. فنجد إكتمال الإثم في أيام نوح، الحيدان والإستقلال عن الرب، فعل الخطيئة دون أي ندم أو توبة ونجد في أيام كتابة رسالة بطرس أيضًا أيامًا شريرة فيها دخل معلمون كذبة ليضلوا الشعب.
ولكن من يقرأ الكتاب يفهم أنه وسط هذه الحالات الصعبة يشتاق الرب لا أن يرى مؤمنين فقط بل مؤمنين أمناء، مؤمنين يسرون قلبه، يشتاق الرب أن يرى من تعب نفسه ويشبع.
-رسالة تيموثاوس الثانية أيضًا تُكلمنا عن أيام أخيرة صعبة جدًا ولكن الروح القدس يدَّون فيها على الأقل سبع مرات الكلمات "أما أنت" أو "أنك" أو "أنت" ليقول لنا أنه وسط أيام صعبة وشريرة فيها العالم يسير بمسار مُعين، أما أنت أيها المؤمن فتسير بعكس هذا التيار. المؤمن له مسلكه ومساره وهو السير وراء الرب مُثبتا عينيه عليه دائسا على كل عسل هذا العالم "وراء الرب إلهكم تسيرون وإياه وحده تعبدون..".
-
كذلك في سفر الرؤيا والإصحاحات الثاني والثالث نقرأ الكلمات "من يغلب" تتكرر أيضًا سبع مرات ليقول الرب انه وسط مشاهد الفشل والتعب والإبتعاد هنالك "من يغلب" هنالك من هو بحسب قلبي.
-إذًا الله يشتاق، لا بل يبحث عن المؤمن الأمين الذي لا يعِّرج بين فرقتين، بل هو كالسمك الطاهر له مسار واضح مُحدد يسعى إليه. لنتذكر الكلمات التي جاءت في حزقيال ٢٢: ٣٠ "وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَاراً وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي" فهل تود أن تكون هذا الرجل؟
ما أروع الجماعة التي فيها كل أخت وأخ يأتون الى الرب ليقولوا له: أود أن أكون ذلك الشخص الذي يُسّر قلبك ويجلب لك السرور، أريد أن أكون ذلك المؤمن الأمين الذي يُفرح قلبك.
-
-كما ذكرنا إن الحالة في أيام نوح هي حالة خراب – تكوين ٦: ٥- ٨ : "وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. ٦فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. ٧فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ». ٨وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ".
فالله حزن على ما صار من الإنسان وهو غير راضٍ البتة ولكن الشيء الرائع، أنه وسط هذه الحالة يبرز نوح الذي سجل عنه الروح القدس هذه الكلمات : "أما نوح فوجد نعمة في عيني الرب".
-
-المشهد مشهد حزن ولكن هنالك من شَّد قلب الله نحوه. ألا يذكرنا هذا بشخص ربنا يسوع المسيح الذي أتى الى أرض شقاء مليئة بالشّر والخطية؟ ولكنه وما أروعه استطاع أن يجلب إعلان الآب عنه "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت". وما هو سرور الآب في الإبن؟ كماله، سلوكه، طاعته، محبته، خضوعه، وداعته ومشغوليته في تتميم مشيئة الله والخ...سيدنا عاش وسط جيل معوَّج ولكنه أسَّر قلب الله وأنار في عالم الظلام.ولكن يُسأل السؤال: كيف تعرف أن نوحا وجد نعمة في عيني الله أو كيف لنا أن نعرف مقدار السرور الذي جلبه نوح لله؟
تكوين ٦: ٩ يقول "هذه مواليد نوح" وكنا نتوقع أن الكتاب يستمر بسرد سلالة نوح كما نجد مثلاً الأمر في تكوين ١٠ وتكوين ١١ إذ حين يبتدئ بالكلمات "هذه مواليد..." يستمر ليعدد نسله ولكن ليس هكذا الأمر مع نوح.
-
-حين قال "هذه مواليد نوح" لم يستطع الله أن يستمر بسرد السلالة لشدة فرحه وسروره بنوح ولم يكن أمام الله إلا أن يعبِّر مرة أخرى عن سروره بنوح فيقول " كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارّاً كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ".إن كنا نستطيع وإن جاز لنا أن نتخيل الحديث الذي جرى بين الله وموسى (كاتب سفر التكوين) وكأن الله يقول لموسى: اكتب مواليد نوح فيأخذ موسى القلم وينتظر من الله أن يعدد له مواليد نوح ولكن الله لم يتابع مواليد نوح وكأنه يقول لموسى "آه يا موسى أنا لا أستطيع أن أعدد لك مواليده الآن، آه لو تعلم كم فرَّح قلبي نوح، فقف الآن عن كتابة مواليده واكتب عنه مرة أخرى " كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارّاً كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ". اكتب عنه فهو جلَبَ لي السرور ووسط أيام شريرة سلك أمامي السلوك المرضي وفرحّني وحين تركني الجميع هو سار معي.
-
ليت الرب يعطينا نعمة لنسير ونسلك كما سلك سيدنا
نعيش الحياة في رضاه، حياة تُشبع قلبهالله يبحث عن الأمناء "عَيْنَايَ عَلَى أُمَنَاءِ الأَرْضِ لِكَيْ أُجْلِسَهُمْ مَعِي. " (مزمور ١٠١: ٦)"لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولاَنِ فِي كُلِّ الأَرْضِ لِيَتَشَدَّدَ مَعَ الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ كَامِلَةٌ نَحْوَهُ " (٢ أخبار الأيام ١٦: ٩).
-
هل تريد أن تكون هذا الأمين؟
1. إسْعَ لتكون رجلاً في القامة الروحية " اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوُّوا" (١كور ١٦: ١٣).2. عِش حياة الإستقامة.3. لا تشاكل الدهر الذي أنت فيه.4. اجتهد لتنّقي طرقك من كل الشوائب, وابذل كل اجتهاد لهذا الامر. ولكن لربما تسأل وتقول "أنا مشتاق لمثل هذه الحياة ولكن كثيرًا ما أخور في الطريق وأضعف فما العمل؟
-
للإجابة عن هذا السؤال انظر الأعداد من ٢ بطرس ١: ٣ – "كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ".هذه الكلمات أتت لتقول أنه وسط أيام الخراب ممكن للمولود من الله أن يعيش حياة ترضي الله. حياة فيها تكون أمينًا لله ولخدمته ولكن عليك أن تعرف أنك لن تصل لهذا بقوتك. عليك أن تُقِّر بضعفك وعدم استطاعتك بقدرتك للعيشة في تقوى الله ولهذه الحقيقة وصل بطرس الرسول إختباريًا, ولذلك يكتب هذا العدد الرائع عن القدرة الإلهية ليقول لنا:
"أنا بطرس كثيرًا, ما كنت مندفعا ومعتمدا على قوتي لأظهر للرب أنني معه وقوتي لحسابه ولكنني كنتُ أفشل وأحزن الرب".
-
-أليس هذا ما يُصيبنا كثيرًا فكم من المرات أتينا للرب بالعهود "يا رب أعدك أنني من اليوم سأعيش حياة مُكرسة لك وأعدك أنني سأفعل هذا وذاك" ولكن سُرعان ما نكسر هذا الوعد ونسقط، فهذا بالضبط ما حدث مع بطرس فنقرأ في لوقا ٢٢: ٣٣ - "فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبُّ إِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ حَتَّى إِلَى السِّجْنِ وَإِلَى الْمَوْتِ»"، كلمات نطق بها ساعة حماسه واندفاعه ولكن كما نعلم أنه فشل بهذا وأنكر الرب ثلاث مرات وأبتدأ يلعن أيضًا.
-
كم من المرات قلنا في صلواتنا "يا رب مهما كلفني الأمر لن أخزيك ولن أفعل ما لا يُرضيك" ولكن سُرعان ما نكسر وعدنا هذا فيبدأ الشعور بالفشل ينتابنا ونقول لأنفسنا: "دائمًا أعِد الرب وأفشل فلا يمكن أن يكون الله راضيا عني، ولا يمكن أن يقبلني" فنخور ونضعف ونُصاب بحالة من الهزال الروحي (الأمر الذي يحزن الرب أكثر)، ونبتدئ بالشك والتساؤل: هل الرب معي أم تركني؟ ماذا أفعل؟ وهنا يأتي عدو التقوى ليزرع فينا روح الفشل ويبتدئ كما كان من البداية يشككنا بمحبة الله ويزرع فينا الأفكار أن الله ابتعد عنا.
-
-هذا ما حدث مع بطرس حين أنكر الرب، فهل تركه الرب؟ بالطبع لا بل رد نفسه بصورة رائعه وبديعة بالصورة التالية: :١. نظرة المحبة – لوقا ٢٢: ٦١ "فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ كَيْفَ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ»". ليتنا دائمًا نضع نصب أعيننا أن الرب يرانا ولنتخيل دائمًا أن عينيه الينا فإن أتينا لنعمل ما لا يرضيه لنتذكر أنه يُحدّق بنا ليقول "أنا ذهبت للصليب لأجلك وحملت خطاياك وتألمت لأجلك فهل تُحزن قلبي؟ في كل مرة تضعف أبق ِ عينيك عليه متذكرًا أنه ينظر اليك بنظرة الحب والمحبة.٢. هذه النظرة جعلت بطرس يبكي بكاءًا مُرًا ليتوب عمّا فعل " بكى بكاءا مرا".٣. وبعد التوبة والبُكاء يأتي الرب لزيارة بطرس زيارة شخصية ,(يوحنا 21).إن كنت تتوب عن وضعك لترجع اليه ستراه مُسرعًا اليك، فالرب أتى لبطرس لمقابلة شخصية في يوحنا ٢١ ليعطيه الخدمة والوكالة, وها هو بطرس يكتب لنا كيف يمكن أن نعيش حياة التقوى في وسط أيام خطيرة صعبة نمُر فيها بصراعات كثيرة هادفة سقطاتنا وفشلاتنا. والسؤال أنه وسط هذه الأجواء كيف يمكن أن أسِّر الله؟ والجواب هو طبعًا بأن أعيش حياة التقوى، تلك العيشة التي فيها أكرم الله، أوقره، أحترمه وأطيعه وذلك من خلال المُمارسة العملية للصفات الأدبية مثل التواضع ، الطاعة، الشكر، الإتكال التكريس والى آخره.. أعيش ذات الحياة التي عاشها الرب يسوع "وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ" ( تيموثاوس الأولى ٣: ١٦).
-
وكيف كانت حياته؟ لقد عاش الرب يسوع كل أيامه للآب، عيشة الطاعة، الإتكال، الإكرام والى آخره... . هل تشتاق لمثل هذه الحياة وهل تشتاق ان تكون المؤمن الامين الذي يسر قلبه؟ ان كان جوابك نعم وتحتاج الى معونة تذكر ان لحسابك القدرات الالهية.
-
-والسؤال هو "ما هي هذه القُدرة الإلهية التي لحسابنا لنعيش حياة التقوى؟أ. هي ذات القوة التي غيرت سمعان الى بطرس, وولدته الولادة الجديدة.ب. هي ذات القوة التي أقامت الرب من الأموات.ت. هي ذات شخص الرب لحسابنا "لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ""فلنتقدم بثقة" (عبرانيين ٤: ١٥). اعلم في كل مرة تسقط, لا تفشل لأنه عنده نعمة لحسابك في كل حين, فعرشه هو عرش النعمة وفي كل مرة تحتاج الى عون ستجده عنده فلا تتأخر بالركض اليه وطلب معونته. ث. الروح القدس ساكن فينا ليعلمنا ويرشدنا .ج. كلمة الله المُعزية، ومعرفة ما لنا من مواعيد في الكتاب.
-
للرب مقاصد صالحة لكل المولودين منه وهذا ما نراه مع بطرس، ففي لوقا ٢٢: ٣٣ أعلن له الرب أنه سيستخدمه: "وَلَكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ». وكان هذا قبل فشل بطرس وإنكاره الرب. فالسيد يعلن له أنه سيستخدمه في مهمة رائعة وهي أن يُثبت أخوته ويشجعهم ويرعاهم، فهل ما وعد به الرب لا يُتممه؟ حاشا فالرب الغالي عندما يقول يفعل وإن قال لبطرس أن له مهمة فحتمًا ستتم "لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا" (أفسس ٢: ١٠).فهو الفخاري الأعظم صاحب القدرات الكبيرة وفي كل مرة يفسد الوعاء يعود ليعمله وعاءا آخر كما يحسن في عينيه, فقط كن طيعا بين يديه ليشكلك بحسب قلبه لتسر قلبه. -أخي وأختي هنالك خبر سار عند الرب فإن كنا غير أمناء فهو يبقى أمينًا ومحبًا وصالحًا، وكل ما ينتظره هو صرخة الضعف للمعونة, فستراه راكضا اليك ليجعل منك المؤمن الأمين الذي يجلب السرور لقلبه.
يا صاحب الحنان ها صرختي اليك اني اليك راجع راجع اليك
خلفية الكلام في الشاهدين هي أيام أخيرة شريرة، صعبة جدًا. فنجد إكتمال الإثم في أيام نوح، الحيدان والإستقلال عن الرب، فعل الخطيئة دون أي ندم أو توبة ونجد في أيام كتابة رسالة بطرس أيضًا أيامًا شريرة فيها دخل معلمون كذبة ليضلوا الشعب.
ولكن من يقرأ الكتاب يفهم أنه وسط هذه الحالات الصعبة يشتاق الرب لا أن يرى مؤمنين فقط بل مؤمنين أمناء، مؤمنين يسرون قلبه، يشتاق الرب أن يرى من تعب نفسه ويشبع.
-رسالة تيموثاوس الثانية أيضًا تُكلمنا عن أيام أخيرة صعبة جدًا ولكن الروح القدس يدَّون فيها على الأقل سبع مرات الكلمات "أما أنت" أو "أنك" أو "أنت" ليقول لنا أنه وسط أيام صعبة وشريرة فيها العالم يسير بمسار مُعين، أما أنت أيها المؤمن فتسير بعكس هذا التيار. المؤمن له مسلكه ومساره وهو السير وراء الرب مُثبتا عينيه عليه دائسا على كل عسل هذا العالم "وراء الرب إلهكم تسيرون وإياه وحده تعبدون..".
-
كذلك في سفر الرؤيا والإصحاحات الثاني والثالث نقرأ الكلمات "من يغلب" تتكرر أيضًا سبع مرات ليقول الرب انه وسط مشاهد الفشل والتعب والإبتعاد هنالك "من يغلب" هنالك من هو بحسب قلبي.
-إذًا الله يشتاق، لا بل يبحث عن المؤمن الأمين الذي لا يعِّرج بين فرقتين، بل هو كالسمك الطاهر له مسار واضح مُحدد يسعى إليه. لنتذكر الكلمات التي جاءت في حزقيال ٢٢: ٣٠ "وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَاراً وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي" فهل تود أن تكون هذا الرجل؟
ما أروع الجماعة التي فيها كل أخت وأخ يأتون الى الرب ليقولوا له: أود أن أكون ذلك الشخص الذي يُسّر قلبك ويجلب لك السرور، أريد أن أكون ذلك المؤمن الأمين الذي يُفرح قلبك.
-
-كما ذكرنا إن الحالة في أيام نوح هي حالة خراب – تكوين ٦: ٥- ٨ : "وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. ٦فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. ٧فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ». ٨وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ".
فالله حزن على ما صار من الإنسان وهو غير راضٍ البتة ولكن الشيء الرائع، أنه وسط هذه الحالة يبرز نوح الذي سجل عنه الروح القدس هذه الكلمات : "أما نوح فوجد نعمة في عيني الرب".
-
-المشهد مشهد حزن ولكن هنالك من شَّد قلب الله نحوه. ألا يذكرنا هذا بشخص ربنا يسوع المسيح الذي أتى الى أرض شقاء مليئة بالشّر والخطية؟ ولكنه وما أروعه استطاع أن يجلب إعلان الآب عنه "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت". وما هو سرور الآب في الإبن؟ كماله، سلوكه، طاعته، محبته، خضوعه، وداعته ومشغوليته في تتميم مشيئة الله والخ...سيدنا عاش وسط جيل معوَّج ولكنه أسَّر قلب الله وأنار في عالم الظلام.ولكن يُسأل السؤال: كيف تعرف أن نوحا وجد نعمة في عيني الله أو كيف لنا أن نعرف مقدار السرور الذي جلبه نوح لله؟
تكوين ٦: ٩ يقول "هذه مواليد نوح" وكنا نتوقع أن الكتاب يستمر بسرد سلالة نوح كما نجد مثلاً الأمر في تكوين ١٠ وتكوين ١١ إذ حين يبتدئ بالكلمات "هذه مواليد..." يستمر ليعدد نسله ولكن ليس هكذا الأمر مع نوح.
-
-حين قال "هذه مواليد نوح" لم يستطع الله أن يستمر بسرد السلالة لشدة فرحه وسروره بنوح ولم يكن أمام الله إلا أن يعبِّر مرة أخرى عن سروره بنوح فيقول " كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارّاً كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ".إن كنا نستطيع وإن جاز لنا أن نتخيل الحديث الذي جرى بين الله وموسى (كاتب سفر التكوين) وكأن الله يقول لموسى: اكتب مواليد نوح فيأخذ موسى القلم وينتظر من الله أن يعدد له مواليد نوح ولكن الله لم يتابع مواليد نوح وكأنه يقول لموسى "آه يا موسى أنا لا أستطيع أن أعدد لك مواليده الآن، آه لو تعلم كم فرَّح قلبي نوح، فقف الآن عن كتابة مواليده واكتب عنه مرة أخرى " كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارّاً كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ". اكتب عنه فهو جلَبَ لي السرور ووسط أيام شريرة سلك أمامي السلوك المرضي وفرحّني وحين تركني الجميع هو سار معي.
-
ليت الرب يعطينا نعمة لنسير ونسلك كما سلك سيدنا
نعيش الحياة في رضاه، حياة تُشبع قلبهالله يبحث عن الأمناء "عَيْنَايَ عَلَى أُمَنَاءِ الأَرْضِ لِكَيْ أُجْلِسَهُمْ مَعِي. " (مزمور ١٠١: ٦)"لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولاَنِ فِي كُلِّ الأَرْضِ لِيَتَشَدَّدَ مَعَ الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ كَامِلَةٌ نَحْوَهُ " (٢ أخبار الأيام ١٦: ٩).
-
هل تريد أن تكون هذا الأمين؟
1. إسْعَ لتكون رجلاً في القامة الروحية " اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوُّوا" (١كور ١٦: ١٣).2. عِش حياة الإستقامة.3. لا تشاكل الدهر الذي أنت فيه.4. اجتهد لتنّقي طرقك من كل الشوائب, وابذل كل اجتهاد لهذا الامر. ولكن لربما تسأل وتقول "أنا مشتاق لمثل هذه الحياة ولكن كثيرًا ما أخور في الطريق وأضعف فما العمل؟
-
للإجابة عن هذا السؤال انظر الأعداد من ٢ بطرس ١: ٣ – "كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ".هذه الكلمات أتت لتقول أنه وسط أيام الخراب ممكن للمولود من الله أن يعيش حياة ترضي الله. حياة فيها تكون أمينًا لله ولخدمته ولكن عليك أن تعرف أنك لن تصل لهذا بقوتك. عليك أن تُقِّر بضعفك وعدم استطاعتك بقدرتك للعيشة في تقوى الله ولهذه الحقيقة وصل بطرس الرسول إختباريًا, ولذلك يكتب هذا العدد الرائع عن القدرة الإلهية ليقول لنا:
"أنا بطرس كثيرًا, ما كنت مندفعا ومعتمدا على قوتي لأظهر للرب أنني معه وقوتي لحسابه ولكنني كنتُ أفشل وأحزن الرب".
-
-أليس هذا ما يُصيبنا كثيرًا فكم من المرات أتينا للرب بالعهود "يا رب أعدك أنني من اليوم سأعيش حياة مُكرسة لك وأعدك أنني سأفعل هذا وذاك" ولكن سُرعان ما نكسر هذا الوعد ونسقط، فهذا بالضبط ما حدث مع بطرس فنقرأ في لوقا ٢٢: ٣٣ - "فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبُّ إِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ حَتَّى إِلَى السِّجْنِ وَإِلَى الْمَوْتِ»"، كلمات نطق بها ساعة حماسه واندفاعه ولكن كما نعلم أنه فشل بهذا وأنكر الرب ثلاث مرات وأبتدأ يلعن أيضًا.
-
كم من المرات قلنا في صلواتنا "يا رب مهما كلفني الأمر لن أخزيك ولن أفعل ما لا يُرضيك" ولكن سُرعان ما نكسر وعدنا هذا فيبدأ الشعور بالفشل ينتابنا ونقول لأنفسنا: "دائمًا أعِد الرب وأفشل فلا يمكن أن يكون الله راضيا عني، ولا يمكن أن يقبلني" فنخور ونضعف ونُصاب بحالة من الهزال الروحي (الأمر الذي يحزن الرب أكثر)، ونبتدئ بالشك والتساؤل: هل الرب معي أم تركني؟ ماذا أفعل؟ وهنا يأتي عدو التقوى ليزرع فينا روح الفشل ويبتدئ كما كان من البداية يشككنا بمحبة الله ويزرع فينا الأفكار أن الله ابتعد عنا.
-
-هذا ما حدث مع بطرس حين أنكر الرب، فهل تركه الرب؟ بالطبع لا بل رد نفسه بصورة رائعه وبديعة بالصورة التالية: :١. نظرة المحبة – لوقا ٢٢: ٦١ "فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ كَيْفَ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ»". ليتنا دائمًا نضع نصب أعيننا أن الرب يرانا ولنتخيل دائمًا أن عينيه الينا فإن أتينا لنعمل ما لا يرضيه لنتذكر أنه يُحدّق بنا ليقول "أنا ذهبت للصليب لأجلك وحملت خطاياك وتألمت لأجلك فهل تُحزن قلبي؟ في كل مرة تضعف أبق ِ عينيك عليه متذكرًا أنه ينظر اليك بنظرة الحب والمحبة.٢. هذه النظرة جعلت بطرس يبكي بكاءًا مُرًا ليتوب عمّا فعل " بكى بكاءا مرا".٣. وبعد التوبة والبُكاء يأتي الرب لزيارة بطرس زيارة شخصية ,(يوحنا 21).إن كنت تتوب عن وضعك لترجع اليه ستراه مُسرعًا اليك، فالرب أتى لبطرس لمقابلة شخصية في يوحنا ٢١ ليعطيه الخدمة والوكالة, وها هو بطرس يكتب لنا كيف يمكن أن نعيش حياة التقوى في وسط أيام خطيرة صعبة نمُر فيها بصراعات كثيرة هادفة سقطاتنا وفشلاتنا. والسؤال أنه وسط هذه الأجواء كيف يمكن أن أسِّر الله؟ والجواب هو طبعًا بأن أعيش حياة التقوى، تلك العيشة التي فيها أكرم الله، أوقره، أحترمه وأطيعه وذلك من خلال المُمارسة العملية للصفات الأدبية مثل التواضع ، الطاعة، الشكر، الإتكال التكريس والى آخره.. أعيش ذات الحياة التي عاشها الرب يسوع "وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ" ( تيموثاوس الأولى ٣: ١٦).
-
وكيف كانت حياته؟ لقد عاش الرب يسوع كل أيامه للآب، عيشة الطاعة، الإتكال، الإكرام والى آخره... . هل تشتاق لمثل هذه الحياة وهل تشتاق ان تكون المؤمن الامين الذي يسر قلبه؟ ان كان جوابك نعم وتحتاج الى معونة تذكر ان لحسابك القدرات الالهية.
-
-والسؤال هو "ما هي هذه القُدرة الإلهية التي لحسابنا لنعيش حياة التقوى؟أ. هي ذات القوة التي غيرت سمعان الى بطرس, وولدته الولادة الجديدة.ب. هي ذات القوة التي أقامت الرب من الأموات.ت. هي ذات شخص الرب لحسابنا "لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ""فلنتقدم بثقة" (عبرانيين ٤: ١٥). اعلم في كل مرة تسقط, لا تفشل لأنه عنده نعمة لحسابك في كل حين, فعرشه هو عرش النعمة وفي كل مرة تحتاج الى عون ستجده عنده فلا تتأخر بالركض اليه وطلب معونته. ث. الروح القدس ساكن فينا ليعلمنا ويرشدنا .ج. كلمة الله المُعزية، ومعرفة ما لنا من مواعيد في الكتاب.
-
للرب مقاصد صالحة لكل المولودين منه وهذا ما نراه مع بطرس، ففي لوقا ٢٢: ٣٣ أعلن له الرب أنه سيستخدمه: "وَلَكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ». وكان هذا قبل فشل بطرس وإنكاره الرب. فالسيد يعلن له أنه سيستخدمه في مهمة رائعة وهي أن يُثبت أخوته ويشجعهم ويرعاهم، فهل ما وعد به الرب لا يُتممه؟ حاشا فالرب الغالي عندما يقول يفعل وإن قال لبطرس أن له مهمة فحتمًا ستتم "لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا" (أفسس ٢: ١٠).فهو الفخاري الأعظم صاحب القدرات الكبيرة وفي كل مرة يفسد الوعاء يعود ليعمله وعاءا آخر كما يحسن في عينيه, فقط كن طيعا بين يديه ليشكلك بحسب قلبه لتسر قلبه. -أخي وأختي هنالك خبر سار عند الرب فإن كنا غير أمناء فهو يبقى أمينًا ومحبًا وصالحًا، وكل ما ينتظره هو صرخة الضعف للمعونة, فستراه راكضا اليك ليجعل منك المؤمن الأمين الذي يجلب السرور لقلبه.
يا صاحب الحنان ها صرختي اليك اني اليك راجع راجع اليك