هكذا قال السيد الرب
هانذا أسأل عن غنمي وافتقدها
كما يفتقد الراعي قطيعه... هكذا افتقد غنمي وأخلصها من جميع الأماكن التي تشتت في يوم الغيم والضباب, أرعاها في مرعى جيد وأطلب الضال.. واسترد المطرود وأجبر الكسير وأعصب الجريح
***
كتبها لك: عماد حنا
كريم .. لماذا تأخرت اليوم؟
نظرت إلى صديقي وزميلي في ذلك النادي الليلي الذي نعمل فيه سويا.. لم أرد أن أقول له أنني لم أكن أنوي الحضور اليوم.. ولكني اكتفيت بأن قلت له ..
- لماذا .. هل حدث شئ ؟
- كلا.. ولكن جاءك هذا الخطاب اليوم صباحا وخشيت أن يكون مهما .. أنه من لبنان.
- من لبنان؟!
نظرت في توجس إلى الخطاب .. انه من عزمي صديقي اللبناني الذي تعرفت عليه هو وأخوه في مخيم مسيحي في لبنان.
وبسرعة تذكرت تفاصيل ذلك المخيم الجميل في لبنان وأنا أنظر إلى الخطاب .. وتذكرت ذلك الخادم المسيحي الذي جاء إلى في يوم من الأيام يقول لي " يا كريم أننا نريدك معنا في مخيم شبيبة في لبنان لتعزف على الأكورديون لأن العازف الذي لدينا اعتذر عن الذهاب " ولم أملك وقتها إلا الابتسام .. فكوني من عائلة مسيحية تجعل الكثير ممن يعرفونني معرفة سطحية ينخدعون في .فأنا من عائله فيها أكثر من راعي كنيسة .. وكل أفراد عائلتنا ممن يسمون أنفسهم مؤمنين.. ولذلك من السهل أن يخمن أي شخص أنني مثل بقية عائلتي . وهذا ما حدث مع صاحبنا .. ولم أملك إلا الموافقة.
وقتها انتابني شعورا رائعا من الفرحة العارمة .. فقضاء وقت في لبنان فرصة لا يمكن أن تأتي بسهولة .. وبالفعل أعتقد إنني استمتعت بمعيشة لم أعتدها من قبل طوال خمسة عشر يوما و ...
- كريم
- ماذا تريد يا عمران
- لماذا أنت سارح .. ؟ هيا .. أذهب لتعزف على الأرج .. لقد بدأنا يومنا ..
ونظرت إلى الساعة .. كانت قد قاربت الساعة التاسعة مساء .. ها قد حان الوقت للعزف حتى الصباح .. مددت يدي إلي باكيت السجائر .. وتناولت واحدة محشوة بالمخدرات كعادتي وأشعلتها .. وطويت الخطاب الذي لم أقرأه بعد .. وقلت له
- ها أنا مستعد
***
طوال السهرة كنت شارد الذهن .. لا بأس في هذا .. فآلتي تعمل معي بتلقائية كما اعتادت طوال أربع سنوات ونصف من العمل في هذا الملهى الليلي .. لندعها تعمل وأرجع أنا لخواطري ..
لم أكن أتخيل أن رحلتي للبنان يمكن أن تغيرني بهذا الشكل .. لقد شعرت أنني في الجنة مدة خمسة عشر يوما.. راحة نفس هادئة , تسبيحات لطيفة .. وجوه سمحة مريحة .. العاب وصداقات بريئة استمتعت بها .. كنت أعزف فترتين في اليوم مرة في الصباح ومرة أخرى في المساء .. أثناء فترة الترنيم .. وكان لي زميل يعزف على الجيتار واسمه نبيل وهو أيضا نفس زميلي فترة النوم .. كنت أرقبه كل ليلة يصلي ويطلب بركة اليوم التالي .. وأحاول أن أعمل مثله ولكني كنت أشعر أن الله بعيد عني كثيرا ..
كان نبيل دائما يسألني " هل تعرف يا كريم إذا أنا مت الآن أين سأذهب ؟!" ابتسم له وأقول " أجل أعرف " .. ثم يكرر السؤال بصورة عكسية " وهل تعرف أين أنت ستذهب؟ "
وأصمت .. فأنا أيضا أعرف أين سأذهب .. والى الآن أعرف أين أذهب .. إلى الجحيم .. لقد كنت أشعر أن الله في واد وأنا في واد آخر .. يوجد مساحة كبيرة بيني وبينه ولا أستطيع أن أتواصل معه أبدا .
ولكن ما ذنبي في هذا .. فعلى الرغم أنني الوحيد في عائلتي الذي ليس له علاقة مع الله إلا أنني حاولت .. ولكني شعرت بكثير من الملل .. أنا ممن يطلقون عليهم " مولود داخل الكنيسة فخالي هو راعي الكنيسة وسمعت من الوعظ حتى مليت .... وكان بداخلي رغبة عارمة أن أرى ما يفعلونه خارج أسوار الكنيسة , كنت أرى أصدقائي في المدرسة يهربون ويذهبون إلى السينمات والحفلات الخليعة ويشعرون بالسعادة .
وأنا كنت دائما أبحث عن السعادة
كنت فقيرا جدا .. وأشعر أنني محروم من كل شئ .. ولكني كنت أريد أن أجرب كل شئ .. كنت أسرق وأبدد ما أسرقه على ملذاتي ولكني لم أكن سعيدا..
أحببت الموسيقى ووجدت فيها نفسي .. حتى وجدت فرصة عمري في هذا المكان الذي يجمع بكل ما أريده من ملذات وعزف وراتب محترم ومخدرات .. فعملت كل شئ في هذا المكان حتى أجد السعادة ..
ولكن كانت تلك السعادة بعيدة المنال عني تماما
***
أخذت أتحسس الخطاب الذي وصلني .. بداخلي رغبة عارمة أن أقرأه .. وأيضا بداخلي خوف عميق من قراءتي له .. عدت إلى أحلامي .. والليل يمضي .. يداي تعملان وتعزفان بتلقائية .. تذكرت صديق آخر .. كان يعيش بالقرب من منزلنا .. وكلما أراه كان يدعوني إلى الكنيسة .. كان دائما يقول لي " لن تجد يا كريم سعادتك بعيد عن المسيح أبدا.. هو الوحيد سر سعادة الإنسان وراحة الإنسان "
في الحقيقة كان هذا الصديق ثقيلا جدا على نفسي .. ولكن بعد أن رجعت من لبنان وقف هذا الصديق في طريقي وقال لي .. " اذهب اليوم معي إلى الاجتماع .. ولن أدعوك أبدا بعد ذلك .. "
ووجدتها صفقة رائعة لا تعوض لأتخلص منه إلى الأبد بعد هذا الوعد الذي قطعه على نفسه .. فذهبت معه
كان اليوم يوم سبت والاجتماع للشبيبة .. لم يكن يعنيني أي شئ في الكنيسة .. فأنا كما قلت مولود فيها .. ولكن في فقرة من فقرات الاجتماع صعد رجل أراد أن يقرأ في الكتاب .. وفتح سفر الرؤيا الإصحاح الثالث وأخذ يقرأ الكلمات التي جعلت حلقي يجف من الرعب .. لست أدري لماذا ؟ لقد قال " .. أنا عارف أعمالك أنك لست باردا ولا حارا .. ليتك كنت باردا أو حارا . هكذا لأنك فاتر ولست باردا أو حارا أنا مزمع أن أتقيأك من فمي .. رؤيا يوحنا 3: 15، 16"
وكانت كلمة " أنا مزمع أن أتقيأك من فمي كسوط دامي ألهب ظهري .."
هل انتهى الأمر ؟ .. هل فرحتي انتهت ؟ .. لم أنم ليلتها .. لست أدري لماذا تذكرت خالي .. الراعي .. انه دائما بعد كل اجتماع يتيح الفرصة لمن يريدون أن يسلموا حياتهم للمسيح أن يتقدموا للأمام عقب كل اجتماع.[ لم أنم طوال الليل منتظرا الصباح حتى إلى كنيسة صباح الأحد ..
وفي ذلك الصباح جلست أنتظر تلك الدعوة .. لم أفهم شيئا من العظة .. ولم يعنيني الترنيم.. كل ما اهتممت به هو انتظار تلك الدعوة لتي في آخر الاجتماع.. ولكن الانتظار ضاع هباءا ..
لقد أنهى خالي الاجتماع دون أن يقدم الدعوة ... ونهضت متخاذلا وصوت قارئ الكتاب المقدس في أذني " أكاد أتقيأك من فمي " هل الله لم يعد يريدني ؟ هل انتهت الفرصة الآن ؟
...لحظة...
في المساء توجد فرصة أخرى .. وفي المساء كنت أول الحاضرين .. وتمر اللحظات وينتهي الاجتماع دون تقديم الفرصة .. وشعرت باليأس
ابتسمت ساخرا .. طالما لا يوجد فرصة في الآخرة .. فيجب ألا أدع ما في يدي يضيع .. واتجهت الى الملهى الليلي .. لم أجد مكانا أذهب أليه سوى هذا الملهى.. وأفكاري هذه هي التي أخرتني عنه اليوم, وربما لو سارت الأمور مثلما خططت لكنت لم آتي الى هنا مطلقا .. ولكن ها أنا هنا ..
فإذا كنت قد فقدت السماء .. لماذا أفقد عملي ؟!!
***
يأخذ المغني راحة ومن جديد تمتد يدي إلى خطاب عزمي .. أفتحه بخوف .. وكان الخبر الأليم .. لقد مات نبيل في حادثة موتوسيكل .. وبسرعة امتدت يدي إلى علبة السجائر المحشوة كعادتي عند أي انفعال .. أمسكت بها .. ورأيت أمامي نبيل وذلك السؤال يسأله لي
- هل تعرف يا كريم إلى أين أنا أذهب ؟
ضغطت يدي قليلا على علبة السجائر وقلت
- أجل يا نبيل .. أعرف .. بل أثق في هذا
ويأتي السؤال الآخر
- وهل تعرف إلى أين أنت ذاهب
- كلا
صوت يقول .. أكاد أتقيأك من فمي
- كلا
وصرخت
- ربي والهي .. هل أنت موجود في هذا المكان .. هل يمكن أن تفتقدني ..
أصدقائي ينادون على .. تركت كل شيء وانزويت في مكان لأصرخ من جديد
- ربي والهي .. هل تقبلني وأنا في هذا المكان ؟
وبداخلي صوت عميق " أجل .. فقط افتح الباب .. أنظف وأعطي حياة جديدة "
..... وفي الملهى الليلي .. وجدت الله .. ويومها شعرت وكأن الله قد رد لي كياني بالكامل بعد أن كنت قد اعتقدت أنني فقدته إلى الأبد .
والآن عندما يأتي صوت نبيل من داخلي
- هل تعرف إلى أين أنت ذاهب
تغمرني فرحة كبيرة وأقول
- نعم .. وأنا في الانتظار حتى نلتقي لنعزف معا أجمل الألحان
هانذا أسأل عن غنمي وافتقدها
كما يفتقد الراعي قطيعه... هكذا افتقد غنمي وأخلصها من جميع الأماكن التي تشتت في يوم الغيم والضباب, أرعاها في مرعى جيد وأطلب الضال.. واسترد المطرود وأجبر الكسير وأعصب الجريح
***
كتبها لك: عماد حنا
كريم .. لماذا تأخرت اليوم؟
نظرت إلى صديقي وزميلي في ذلك النادي الليلي الذي نعمل فيه سويا.. لم أرد أن أقول له أنني لم أكن أنوي الحضور اليوم.. ولكني اكتفيت بأن قلت له ..
- لماذا .. هل حدث شئ ؟
- كلا.. ولكن جاءك هذا الخطاب اليوم صباحا وخشيت أن يكون مهما .. أنه من لبنان.
- من لبنان؟!
نظرت في توجس إلى الخطاب .. انه من عزمي صديقي اللبناني الذي تعرفت عليه هو وأخوه في مخيم مسيحي في لبنان.
وبسرعة تذكرت تفاصيل ذلك المخيم الجميل في لبنان وأنا أنظر إلى الخطاب .. وتذكرت ذلك الخادم المسيحي الذي جاء إلى في يوم من الأيام يقول لي " يا كريم أننا نريدك معنا في مخيم شبيبة في لبنان لتعزف على الأكورديون لأن العازف الذي لدينا اعتذر عن الذهاب " ولم أملك وقتها إلا الابتسام .. فكوني من عائلة مسيحية تجعل الكثير ممن يعرفونني معرفة سطحية ينخدعون في .فأنا من عائله فيها أكثر من راعي كنيسة .. وكل أفراد عائلتنا ممن يسمون أنفسهم مؤمنين.. ولذلك من السهل أن يخمن أي شخص أنني مثل بقية عائلتي . وهذا ما حدث مع صاحبنا .. ولم أملك إلا الموافقة.
وقتها انتابني شعورا رائعا من الفرحة العارمة .. فقضاء وقت في لبنان فرصة لا يمكن أن تأتي بسهولة .. وبالفعل أعتقد إنني استمتعت بمعيشة لم أعتدها من قبل طوال خمسة عشر يوما و ...
- كريم
- ماذا تريد يا عمران
- لماذا أنت سارح .. ؟ هيا .. أذهب لتعزف على الأرج .. لقد بدأنا يومنا ..
ونظرت إلى الساعة .. كانت قد قاربت الساعة التاسعة مساء .. ها قد حان الوقت للعزف حتى الصباح .. مددت يدي إلي باكيت السجائر .. وتناولت واحدة محشوة بالمخدرات كعادتي وأشعلتها .. وطويت الخطاب الذي لم أقرأه بعد .. وقلت له
- ها أنا مستعد
***
طوال السهرة كنت شارد الذهن .. لا بأس في هذا .. فآلتي تعمل معي بتلقائية كما اعتادت طوال أربع سنوات ونصف من العمل في هذا الملهى الليلي .. لندعها تعمل وأرجع أنا لخواطري ..
لم أكن أتخيل أن رحلتي للبنان يمكن أن تغيرني بهذا الشكل .. لقد شعرت أنني في الجنة مدة خمسة عشر يوما.. راحة نفس هادئة , تسبيحات لطيفة .. وجوه سمحة مريحة .. العاب وصداقات بريئة استمتعت بها .. كنت أعزف فترتين في اليوم مرة في الصباح ومرة أخرى في المساء .. أثناء فترة الترنيم .. وكان لي زميل يعزف على الجيتار واسمه نبيل وهو أيضا نفس زميلي فترة النوم .. كنت أرقبه كل ليلة يصلي ويطلب بركة اليوم التالي .. وأحاول أن أعمل مثله ولكني كنت أشعر أن الله بعيد عني كثيرا ..
كان نبيل دائما يسألني " هل تعرف يا كريم إذا أنا مت الآن أين سأذهب ؟!" ابتسم له وأقول " أجل أعرف " .. ثم يكرر السؤال بصورة عكسية " وهل تعرف أين أنت ستذهب؟ "
وأصمت .. فأنا أيضا أعرف أين سأذهب .. والى الآن أعرف أين أذهب .. إلى الجحيم .. لقد كنت أشعر أن الله في واد وأنا في واد آخر .. يوجد مساحة كبيرة بيني وبينه ولا أستطيع أن أتواصل معه أبدا .
ولكن ما ذنبي في هذا .. فعلى الرغم أنني الوحيد في عائلتي الذي ليس له علاقة مع الله إلا أنني حاولت .. ولكني شعرت بكثير من الملل .. أنا ممن يطلقون عليهم " مولود داخل الكنيسة فخالي هو راعي الكنيسة وسمعت من الوعظ حتى مليت .... وكان بداخلي رغبة عارمة أن أرى ما يفعلونه خارج أسوار الكنيسة , كنت أرى أصدقائي في المدرسة يهربون ويذهبون إلى السينمات والحفلات الخليعة ويشعرون بالسعادة .
وأنا كنت دائما أبحث عن السعادة
كنت فقيرا جدا .. وأشعر أنني محروم من كل شئ .. ولكني كنت أريد أن أجرب كل شئ .. كنت أسرق وأبدد ما أسرقه على ملذاتي ولكني لم أكن سعيدا..
أحببت الموسيقى ووجدت فيها نفسي .. حتى وجدت فرصة عمري في هذا المكان الذي يجمع بكل ما أريده من ملذات وعزف وراتب محترم ومخدرات .. فعملت كل شئ في هذا المكان حتى أجد السعادة ..
ولكن كانت تلك السعادة بعيدة المنال عني تماما
***
أخذت أتحسس الخطاب الذي وصلني .. بداخلي رغبة عارمة أن أقرأه .. وأيضا بداخلي خوف عميق من قراءتي له .. عدت إلى أحلامي .. والليل يمضي .. يداي تعملان وتعزفان بتلقائية .. تذكرت صديق آخر .. كان يعيش بالقرب من منزلنا .. وكلما أراه كان يدعوني إلى الكنيسة .. كان دائما يقول لي " لن تجد يا كريم سعادتك بعيد عن المسيح أبدا.. هو الوحيد سر سعادة الإنسان وراحة الإنسان "
في الحقيقة كان هذا الصديق ثقيلا جدا على نفسي .. ولكن بعد أن رجعت من لبنان وقف هذا الصديق في طريقي وقال لي .. " اذهب اليوم معي إلى الاجتماع .. ولن أدعوك أبدا بعد ذلك .. "
ووجدتها صفقة رائعة لا تعوض لأتخلص منه إلى الأبد بعد هذا الوعد الذي قطعه على نفسه .. فذهبت معه
كان اليوم يوم سبت والاجتماع للشبيبة .. لم يكن يعنيني أي شئ في الكنيسة .. فأنا كما قلت مولود فيها .. ولكن في فقرة من فقرات الاجتماع صعد رجل أراد أن يقرأ في الكتاب .. وفتح سفر الرؤيا الإصحاح الثالث وأخذ يقرأ الكلمات التي جعلت حلقي يجف من الرعب .. لست أدري لماذا ؟ لقد قال " .. أنا عارف أعمالك أنك لست باردا ولا حارا .. ليتك كنت باردا أو حارا . هكذا لأنك فاتر ولست باردا أو حارا أنا مزمع أن أتقيأك من فمي .. رؤيا يوحنا 3: 15، 16"
وكانت كلمة " أنا مزمع أن أتقيأك من فمي كسوط دامي ألهب ظهري .."
هل انتهى الأمر ؟ .. هل فرحتي انتهت ؟ .. لم أنم ليلتها .. لست أدري لماذا تذكرت خالي .. الراعي .. انه دائما بعد كل اجتماع يتيح الفرصة لمن يريدون أن يسلموا حياتهم للمسيح أن يتقدموا للأمام عقب كل اجتماع.[ لم أنم طوال الليل منتظرا الصباح حتى إلى كنيسة صباح الأحد ..
وفي ذلك الصباح جلست أنتظر تلك الدعوة .. لم أفهم شيئا من العظة .. ولم يعنيني الترنيم.. كل ما اهتممت به هو انتظار تلك الدعوة لتي في آخر الاجتماع.. ولكن الانتظار ضاع هباءا ..
لقد أنهى خالي الاجتماع دون أن يقدم الدعوة ... ونهضت متخاذلا وصوت قارئ الكتاب المقدس في أذني " أكاد أتقيأك من فمي " هل الله لم يعد يريدني ؟ هل انتهت الفرصة الآن ؟
...لحظة...
في المساء توجد فرصة أخرى .. وفي المساء كنت أول الحاضرين .. وتمر اللحظات وينتهي الاجتماع دون تقديم الفرصة .. وشعرت باليأس
ابتسمت ساخرا .. طالما لا يوجد فرصة في الآخرة .. فيجب ألا أدع ما في يدي يضيع .. واتجهت الى الملهى الليلي .. لم أجد مكانا أذهب أليه سوى هذا الملهى.. وأفكاري هذه هي التي أخرتني عنه اليوم, وربما لو سارت الأمور مثلما خططت لكنت لم آتي الى هنا مطلقا .. ولكن ها أنا هنا ..
فإذا كنت قد فقدت السماء .. لماذا أفقد عملي ؟!!
***
يأخذ المغني راحة ومن جديد تمتد يدي إلى خطاب عزمي .. أفتحه بخوف .. وكان الخبر الأليم .. لقد مات نبيل في حادثة موتوسيكل .. وبسرعة امتدت يدي إلى علبة السجائر المحشوة كعادتي عند أي انفعال .. أمسكت بها .. ورأيت أمامي نبيل وذلك السؤال يسأله لي
- هل تعرف يا كريم إلى أين أنا أذهب ؟
ضغطت يدي قليلا على علبة السجائر وقلت
- أجل يا نبيل .. أعرف .. بل أثق في هذا
ويأتي السؤال الآخر
- وهل تعرف إلى أين أنت ذاهب
- كلا
صوت يقول .. أكاد أتقيأك من فمي
- كلا
وصرخت
- ربي والهي .. هل أنت موجود في هذا المكان .. هل يمكن أن تفتقدني ..
أصدقائي ينادون على .. تركت كل شيء وانزويت في مكان لأصرخ من جديد
- ربي والهي .. هل تقبلني وأنا في هذا المكان ؟
وبداخلي صوت عميق " أجل .. فقط افتح الباب .. أنظف وأعطي حياة جديدة "
..... وفي الملهى الليلي .. وجدت الله .. ويومها شعرت وكأن الله قد رد لي كياني بالكامل بعد أن كنت قد اعتقدت أنني فقدته إلى الأبد .
والآن عندما يأتي صوت نبيل من داخلي
- هل تعرف إلى أين أنت ذاهب
تغمرني فرحة كبيرة وأقول
- نعم .. وأنا في الانتظار حتى نلتقي لنعزف معا أجمل الألحان