احباب الصليب

[
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا لماذا نصلي، كيف نصلي، أنواع الصلاة 829894
ادارة المنتدي لماذا نصلي، كيف نصلي، أنواع الصلاة 103798

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

احباب الصليب

[
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا لماذا نصلي، كيف نصلي، أنواع الصلاة 829894
ادارة المنتدي لماذا نصلي، كيف نصلي، أنواع الصلاة 103798

احباب الصليب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
احباب الصليب

احباب الصليب


    لماذا نصلي، كيف نصلي، أنواع الصلاة

    بنت البابا شنوده
    بنت البابا شنوده


    انثى عدد المساهمات : 87
    تاريخ التسجيل : 19/03/2012

    لماذا نصلي، كيف نصلي، أنواع الصلاة Empty لماذا نصلي، كيف نصلي، أنواع الصلاة

    مُساهمة من طرف بنت البابا شنوده الخميس يونيو 07, 2012 3:26 pm

    مقدمة

    · الإنسان مخلوق... أي أنه دعي من العدم إلى الوجود... وهو بين الخلائق مكلل بالمجد والكرامة (مز 8/6).

    · الصلاة هي العمل الأهم الذي يمكن للإنسان أن يقوم به لأنه يوجه كل أعمال حياتنا، ويضع فيها نعمة وبركة. والإنسان وحده، بعد الملائكة، قادر أن يعترف بأن اسم الله عظيم في الأرض والسماوات (مز 8/2).

    · والصلاة تظهر عظمة الإنسان هذه، لأنه يستطيع أن يقف أمام الله الخالق ويخاطبه ويسمعه ويعرفه ويُحبه.

    · فكلما اقترب منه بالصلاة، كلما زاد برارة وقداسة، على حسب ما يقول كتاب المراقي الذي يرجع للقرن الرابع... فالبرارة هي التشبه بالله: الذي هو البار وحده... والكمال هو تجاوب مع نداء المسيح "كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامل هو" (متى 5/48).

    · الصلاة إذاً: هي مخاطبة بين النفس والله. هي صلة. هي معانقة روحية كما يقول المتصوفون... هي المكان الروحي المُميَّز الذي يتلقى فيه الإنسان نعمة البنوة الإلهية...

    · الصلاة هي عطية من الله: ففي بعض الليتورجيات، يقولون عند بدء الصلاة الجماعية: "يا رب افتح شفتي، ليخبر فمي بمجدك". أو "يا رب افتح شفتي، ليرتل فمي بتسبحتك".

    · وعن هذه العطية يقول يسوع للسامرية: "لو كنتِ تعرفين عطية الله، ومن هو الذي يقول لكِ، اسقيني، لسألته أنتِ فأعطاكِ ماءً حياً" (يوحنا 4/41)... إن الرب في الصلاة يُعطينا العطايا، ويعطينا عطية العطايا، ألا وهي: ذاته الشخصية.

    · والصلاة، كما سنرى، هي تجديد عهد مع الله بالمسيح. إنها فعل الله والإنسان، هي تنبع من الروح القدس ومنا، وهي موجهة كلها إلى الله الآب بالاتحاد مع الإرادة البشرية لابن الله المتأنس، ومتأججة فينا بمحبة الروح القدس...



    لماذا نُصلي ؟!

    الصلاة هي موجودة في الديانات كلها. كل الناس يصلون إلى من يؤمنون به أو يعبدونه. فهل صلاتهم مقبولة ؟

    نحن نعلم أن لا إله إلا الله الواحد الثالوث... فما عسى أن يكون مفعول هذه الصلاة الموجهة إلى إله غيره؟!... هذا يبقى سراً، لا يعرفه غير الله وحده...

    أما بالنسبة إلينا، فنحن قد عرفنا وآمنّا بأنه "إله من إله"... وهذه نعمة النعم... لذلك لسنا نتكلم عن صلاة الأقدمين، ولا عن صلاة شعب الله القديم رغم ما فيها من تعاليم تفيد صلاتنا وخبرات إيمانية نموذجية... بل سنتوقف على شخصية المسيح. فإننا رأينا المسيح يصلي، وسمعناه يعلمنا الصلاة.

    صلاة يسوع

    مرأى يسوع وهو يصلي يدهشنا تماماً ويذهلنا كيف أنه، وهو ابن الله، يصلي إلى الله الآب ؟!..
    توقَّف المسيحيون الأولون عند هذا الحدث الكبير الأهمية، وكذلك آباء الكنيسة... ومنهم من قال من جراء ذلك أن يسوع ليس إلهاً، بل كائناً مخلوقاً (آريوس) وصار تضعضع وانقسامات وظهرت بِدَع مسيحية مختلفة حتى تاريخ انعقاد المجمع المسكوني الأول، المجمع النيقاوي سنة 325... فتحددت نهائياً ألوهية المسيح...

    إنما السؤال يبقى مطروحاً: كيف يصلي الله إلى الله ؟ الابن إلى الآب ؟!... لسنا ندخل في حديثنا هذا في صميم المسألة اللاهوتية، إنما نُرتكز على العقيدة العتيدة لكي نفهم صلاة يسوع.

    إنها صادرة من الابن إلى الآب... فالآب هو مصدر الألوهة، ويبقى الأصل الأول، ضمن الثالوث القدوس، لهذه الألوهة بالذات...

    ففي المجمع المسكوني الرابع الذي عُقد في خلقيدونيا: توضحت مسألة الطبيعتين في المسيح، الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية... فالمسيح المتجسد أراد أن يعيش حياة الإنسان بكاملها... "فأخفى ألوهيته" كما يقول بولس الرسول (فيليبي 2/7)، واتخذ "صورة العبد"، رغم كونه صورة الآب السماوي الذي لا يُرى (قولوسي 1/15) فنحن هنا أمام سر كبير: سر التجسد: الذي أراد يسوع المسيح من خلاله أن يمثلنا أمام الآب، فهو "بكر الخلائق كلها" (قولوسي 1/15)... وهو رأس الجسد أي رأس الكنيسة (قولوسي 1/18) يتكلم باسمها ويُقدمّها وصلاتَها إلى الله الآب.

    وابن الله الذي صار ابن البتول تعلم الصلاة، بحسب قلبه البشري. تعلّم صيَغ الصلاة من أمه التي كانت تحفظ كل "عظائم" الله وتتأمل فيها بقلبها (لوقا 1/49). وهو نفسه صلّى في الكلمات والإيقاعات التي كانت لصلاة شعبه، في مجمع الناصرة، وفي الهيكل، ولكن صلاته كانت تنبع من معين سري آخر، كما ألمح إلى ذلك، وهو في الثانية عشرة، قائلاً: "يجب أن أكون فيما هو لأبي" (لوقا 2/49) مشيراً إلى هذه الحميّة البنوية التي تجمعه دائماً بالآب.

    متى صلّى يسوع ؟

    لا نستطيع أن نفصل بين حياة يسوع وصلاته... إنه كان متحداً بالآب في كل مكان وزمان... وصلاته الأهم كانت على الصليب: عندما كان فاتحاً يديه، وهو يتألم، فالاتحاد مع الآب كان كاملاً إذ إنه كان يُتمم مشيئته، بقبوله الموت على الصليب.

    لكننا نستطيع أن نميز في حياته العلنية، بعض الصلوات التي قام بها:

    1- صلى يسوع قبل الأوقات الحاسمة من رسالته: ونرى ذلك في إنجيل القديس لوقا بنوع خاص. فقد صلى وهو يقبل المعمودية عن يد يوحنا (لوقا 13/21)، وفي ساعة التجلي (لوقا 9/28)، وفي بستان الزيتون (لوقا 22/41).

    2- صلى يسوع قبل أن يختار الاثني عشر، وقبل اعتراف بطرس به بأنه "مسيح الله"، كما صلى لبطرس لئلا يضعف إيمانه (لوقا 22/32)...

    3- صلى يسوع بعد رجوع التلاميذ الاثنين والسبعين من رسالتهم، فتهلل بدافع من الروح القدس وقال: "أحمدك يا أبتِ، رب السماوات والأرض، على أنك أخفيتَ هذه الأشياء على الحكماء والأذكياء وكشفتها للصغار" (لوقا 10/21).

    4- وقبل قيامة لعازر قال: "يا أبتِ أشكر لك أنك سمعتَ لي"...

    5- وصلى يسوع صلاة بنوية عندما أتت "ساعته"، صلاةً دعيت "بالصلاة الكهنوتية"، وهي أطول صلاة في الإنجيل (يوحنا 17). وقد أحياها يسوع عند بلوغه إلى ما يسمى بالإنجيل "ساعته"، هذه الساعة التي تمتد إلى كل الساعات والأزمنة، حاملة إليها هذه الصلاة... وقد تمت ساعة يسوع في حَدَثي موته وقيامته، وما تزال تتحقق كل يوم وكل ساعة في القداس.

    6- على الصليب: أما على الصليب، فكانت كلمات... حققت ما كان في صلاته ببستان الزيتون... "يا أبتاه، لا تكن مشيئتي بل مشيئتك" (لوقا 22/42)... "يا أبتاه اغفر لهم" (لوقا 23/46)... "إلهي إلهي لماذا تركتني ؟" (مرقس 15/34)... "يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" (لوقا 23/46). ثم هذا الصراخ العظيم الذي يسترجع كل صراخات البشرية عندما زَفَر وأسلم الروح (مرقس15/37). +

    7- كيف كان يسوع يصلي:

    - صحيح أن يسوع كان يذهب إلى المجمع وإلى الهيكل ويصلي كما يصلي المؤمنون اليهود... فالروح القدس مسكوب في هذه الصلاة الطقسية. وصيغ الصلاة، وبخاصة صلاة المزامير هو الذي أوحاها، وسكن فيها، لكي يُتيح لكل من يصليها أن يسكن في هذه السكنى الروحية ويمتلىء منها ويعيش القداسة في حضرته القدوسة. يسوع دخل إذاً في هذه الصلاة الجماعية وعاش معانيها في كل أبعادها فانجلت أمامه وتحققت فيه على أكمل وجه.

    - ولكن يسوع كان يُؤثر الصلاة في الخلوة... صلاةً خفية... تَظهر على ملامحه فرحاً وحبوراً كما صار له بعد رجوع التلاميذ، (لوقا 10/21) أو عناءً واكتئاباً وألماً حتى الدم، كما حدث ذلك في بستان الزيتون (لوقا 22/45).



    أولاً - كيف نصلي ؟

    يسوع المسيح هو معلمنا في الصلاة – فلنصغِ إليه.
    يقول القديس لوقا: "لما فرغ يسوع من صلاته قال له أحد تلاميذه: "يا رب علمنا أن نصلي" (لوقا 11/1)
    صلاة يسوع تنتقل كالعدوى إلى تلاميذه... فبعد أن سمع طلبهم، علمهم ما كان يصلي هو نفسه، وأملى عليهم صلاة "الأبانا". وهذه الصلاة تختصر كل الصلوات الممكنة بما فيها من نكهة حق وخير وجمال.
    - فالحق يتجلى فيها بالطلبات الثلاثة الأولى: "ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك".
    - والخير هو في الطلبة الرابعة: "أعطنا خبزنا كفاف يومنا"... خبزنا المادي... وخبزنا الجوهري: الخبز الافخارستي.
    - أما الجمال: ففي الطلبات الثلاثة المتبقية، إذ أن استجابتها تجعلنا أنقياء وقديسين!...
    - ولكي نفهم صلاة الأبانا على حقيقتها، فلنسمع ماذا قال لنا يسوع عن كيفية الصلاة:
    1- الصلاة والتوبة:
    منذ العظة على الجبل ألحَّ يسوع على توبة القلب: المصالحة مع الأخ قبل تقديم القربان على المذبح. الغفران للقريب المنوّه به في صلاة الأبانا، هو ما يجب أن يكون لكي تُقبل توبة الخاطىء... ثم تكلم عن محبة القريب والصلاة لأجل المضطهدين، والصلاة للآب في الخفية (متى 6/6)، وعدم تكرار الكلام عبثاً (متى 6/7)، والمغفرة من أعماق القلب في الصلاة (متى 6/14-15)، ونقاوة القلب، وطلب ملكوت الله (متى 6/21). صلاة التوبة هذه هي التي تؤثر بقلب الله، وتقود إلى مغفرة الخطايا، أي إلى أن يكون الإنسان بلا عيب...

    وللحصول على التوبة الكاملة وجد سر من أسرار الكنيسة السبعة يسمى أيضاً سر المصالحة أو الغفران أو سر الاعتراف... ويجد أساسه في ذبيحة المسيح الخلاصية: "خذوا وكلوا فهذا هو جسدي لمغفرة الخطايا..." وصلاة الأبانا تقول: أن اغفر لنا خطايانا كما نحن نغفر لمن أخطأ وأساء إلينا"... وهذا هو المكان الوحيد الذي يبدو الله فيه متشبهاً بنا، وكأنه يستجدي منا الغفران لأخوتنا فيغفر لنا سبحانه بكل طيبة وعفوية...

    2- الصلاة والإيمان :
    1) الإيمان هو مطابقة بنوية مع الله: هو ما حدا بإبراهيم أن يكون خليل الله وباراً حقيقياً إذ قال عنه الكتاب: "آمن إبراهيم بالله فحسب له ذلك براً" (تكوين 15/6)... ونحن بعد أن عرفنا المسيح أصبح الإيمان أسهل علينا فالمسيح هو الباب والطريق إليه.

    2) الإيمان يعلمنا "الجرأة البنوية": "كل ما تسألونه بالصلاة آمنوا أنكم نلتموه، فيكون لكم" (مرقس 11/24). هذه هي قدرة الصلاة: "كل شيء ممكن لمن يؤمن" (مرقس 9/23)... وبمقدار ما يُحزن يسوع عدمُ إيمان أقاربه (مرقس 6/6)، وقلةُ إيمان تلاميذه (متى 14/22) لم يأخذه العجب من "الإيمان العظيم" الذي وجده عند قائد المائة الروماني (متى 8/10)، وعند الكنعانية (متى 15/28).

    - هذا الإيمان قد لا يُعطى دفعةً واحدة، وفي كل وقت... وقد يغيب كلياً، أو أنه يزول، على حد قول المسيح: ولكن متى جاء ابن البشر، فهل يجد الإيمان على الأرض ؟ (لوقا 18/Cool.

    - لذلك يجب أن نطلب الإيمان بإلحاح، كما فعلت "الأرملة المزعجة" (لوقا 18/1-Cool، فصلت بصبر وثبات إلى أن لبّى قاضي الظلم طلبها. أو كما فعل التلاميذ عندما توسلوا إلى يسوع قائلين: "يا رب زدنا إيماناً".

    3) الإيمان والإرادة: صلاة الإيمان لا تكون فقط باللسان أو بالكلام، بل بمطابقة القلب مع عمل إرادة الآب: "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات، بل من يعمل بمشيئة أبي الذي في السماوات" (متى 7/21).

    3- السهر:
    إلى جانب التوبة والإيمان هناك السهر، ففي الصلاة يسهر التلميذ متيقظاً أمام الآب، ويتذكر بالروح مجيء الابن الذي تم في ضَعة الجسد، وينتظر مجيئه الثاني بالمجد... والسهر يحمل الإنسان أن يعيش بالإيمان غياب الله وظهوره، ويقيه الوقوع في التجربة.

    4- الصلاة بإلحاح:
    مَثَلُ الرجل الذي يأتي إليه صديقه بالليل ويلح عليه بطلب الأرغفة... فيقوم أخيراً من فراشه ويعطيه طلبه من أجل اللجاجة لا من أجل الصداقة... هذا المثل أعطاه يسوع كمقدمة لما سيقوله لنا "اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا" (لوقا11/5-13)

    ونتساءل أليس أن هذا الإلحاح يتنافى مع ما قاله سابقاً: "إذا صليتم، لا تكثروا الكلام مثل الوثنيين" (متى 6/14) الجواب هو كلا: لأن الصلاة مهما طالت، تبقى مثولاً أمام الله وتحولاً إليه، وكأن ذلك تحضيراً لحدث الافخارستيا أو تمديد له.

    5- الصلاة بتواضع:

    التواضع قبل أن يكون فضيلة، هو وعي لحالة الإنسان المحدود بطبيعته، والضعيف من جراء الخطيئة !... "أفهل تقول الطينة لجابلها لماذا صنعتني هكذا" (أشعيا 45/9)... ولنا في مثل الفريسي والعشار (لوقا 18/9-14) أمثولة بالتواضع عند الصلاة: اِفهَمْ ذاتك وقدمها كما هي عليه، ولا تُضفي عليها حقاً ليس بحق أو جمالاً مزيفاً والحال أن الرب يعرفُك مثلما أنت، ونظرته إليك ترفعك وتبررك...

    6- الصلاة باسم المسيح:
    يسوع الذي صار لنا أخاً بتجسّده يُحب أن نذكره ونتذكره... ذكره هو علامة محبة... وتَذكّره يخلق علاقة حميمة بينه وبيننا، فيحمل هذه العلاقة ويُقرّبها أمام الآب مُعْتَزَّاً: "يا أبتِ، إن الذين وهبتهم لي، أريد أن يكونوا معي حيث أكون. فيُعاينوا ما وهبته لي من المجد..." (يوحنا 17/24) وأيضاً "كل ما طلبتم من الآب باسمي تنالونه" (يوحنا 14/13)

    7- الصلاة والروح القدس:
    يقول بولس الرسول: "أقيموا في كل الوقت الصلاة والدعاء بالروح" (أفسس 6/18). ولا تُطفئوا الروح (1تسا 5/19)... الروح هو معلم الصلاة ومُحييها: "إنه يأتي لنجدة ضعفنا لأننا لا نُحسن الصلاة كما يجب... ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا تُوصف"... هو يشفع للقديسين بما يوافق مشيئة الله... (روما 8/26-27). "والروح فينا يصرخ أبّا أيها الآب" (غلاطية 4/6) لا بل هو روح تبنٍ به ننادي "أبّا أيها الآب"... ننادي به ومعه، فهو المعلم والمرافق، ومن دونه لا يستطيع أحدٌ أن يقول: "يسوع هو رب" (1كور 12/3)... وفيما نصلي بالروح لا ننسى أن نصلي إليه فهو والأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس.

    ثانياً - أنواع الصلاة

    أنواع الصلاة متعددة، فمن صلاة المبارَكة والعبادة، إلى الصلاة العقلية، إلى صلاة الطلب، إلى صلاة التوسُّل، فإلى صلاة الشكر والتسبيح، كما وهناك صلاة فردية وصلاة جماعية... فلا فصل بين أنواع الصلاة، هي مُتداخلة في بعضها، وتنبثق من شعور واحد، شعور الإنسان أنه مخلوق. فالخليقة تفرح بأنها موجودة... فإذا ما تعرفت إلى خالقها، فلا يمكنها إلا أن تتهلل به وتشكره وتطلب إليه الخير والحياة.

    ويضيق بنا المجال لكي نتكلم عن أنواع الصلاة بمجملها، وقد اخترنا أن نتوقف قليلاً على أربع منها وهي الصلاة الجماعية وصلاة التوسل، والصلاة العقلية، وأخيراً صلاة الافخارستيا.

    1- الصلاة الجماعية :
    قال يسوع: "كلما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فأنا أكون بينهم" (متى 18/20).

    صلاة الجماعة تضمن لنا حضور المسيح. الصلاة الجماعية توحد الجماعة وتجعلها شاملة مقدسة رسولية... الجماعة تحمل صلاتي الشخصية وتقدمها إلى الآب... وأنا أحمل صلاتها وأقدمها فإذا حدث أن واحداً زاغ عن الصلاة في قلب الجماعة، أو ملَّ منها، أو تحوَّل ذهنه عنها، فإن صلاة الجماعة تعوِّض عن كل هذا... الجماعة هي كنيسة، هي الكنيسة أي جسد المسيح السري، تقدم ذاتها إلى الله وتقدم العالم، فقد زُرعت فيه لكي تكون خادمة له ومقدِّسة ومتوسلة.

    2- صلاة التوسل :
    أيقونة التوسل " Deisis " تقدم لنا يسوع على الصليب وبقربه مريم أمه ويوحنا المعمدان. أم يسوع هي "الممتلئة نعمة"، وتمثل كل ما في البشرية من قداسة... لذلك فهي لا تني تصلي وتتشفع... فإذا ما كانت الصلاة أسمى وأجمل ما في الحياة، فَمَن أجدر من الأُم القديسة بأن تقضي الحياة كلها في صلاة لا تكل ولا تتعب... ويتصورها القديسون وهي في السماء، إلى جانب ابنها الإلهي الممجَّد والحامل سمات الآلام، مكللة بالمجد ومتشفعة، لذلك نقول لها في كل حين: "صلي لأجلنا الآن وفي ساعة موتنا".

    أمّا يوحنا المعمدان، فهو حاضر في الأيقونة لأنه "الأعظم في مواليد النساء" (متى 11/11)... ولأنه نبي... وبخاصة لأنه شهيد... والشهيد الذي قدم دماءه من أجل الله ومات في سبيله، هو البطل القديس، الذي نراه حاملاً رأسه بيده وسائراً بخطى ثابتة إليه تعالى، فلا شيء يمكن أن يثنيه، وقد أصبح في العالم الآخر، عن قصده هذا أو يرجعه إلى الوراء... عمله الاستشهادي كرسه بطريقة مستديمة في حب الله والسكنى في حضرته القدوسة, استجابةُ توسله هي مؤمَّنة من جرّاء قبول ذبيحته المَرْضية.

    ولنا في العهد القديم مثلان مهمان عن صلاة التشفع: صلاة إبراهيم من أجل صادوم (تكوين 18/17) وصلاة موسى بعد حادثة العجل الذهبي (خروج 32/7-10).

    3- الصلاة العقلية :
    هي زمن الصلاة المكثف... هي نظرة إيمان: "أَنظر إليه وينظر إليّ" (خوري آرس).... "أنظر إليه وأحبه" (شارل دي فوكو)... هي إصغاء... هي صمت... هي اتحاد حميم بصلاة المسيح والدخول في معيته، هي شراكة مَحبّة تحمل الحياة للكثيرين...

    وفي كاتدرائية شارتر، أربع لوحات زجاجية ملوَّنة، تصور لنا الصلاة العقلية:

    فالأولى: ترينا ابنة صبية تدخل الكنيسة، والثانية، ترينا إياها جالسة على المقعد وفي الثالثة تفتح كتاباً وتقرأ فيه، وفي الرابعة، نراها تضع الكتاب جانباً، وتغرق في الصلاة.

    فعند وصولها إلى الكنيسة: تدخل إلى هيكلها وتنسى ما وراءها. وفي جلوسها: تستحضر الله لكي تُوجد معه. وعند أخذها الكتاب: تقرأ فيه كلمة موجهة إليها شخصياً في هذا الوقت بالذات... وفي صمتها: تتأمل بالكلمة وتصغي إليها وتقيم فيها عابدة، متوسلة، ومُسبِّحة...

    4- صلاة الافخارستيا :
    - صلاة الافخارستيا تجمع بين ما عمله يسوع في العشاء السري وما أَتمَّه على الصليب... والقداس يحقق ما صار في هذين الحدثين المهمين في حياة يسوع.
    - ليتورجيا القداس تُقسم إلى قسمين رئيسين: رتبة الكلمة، وتقدمة الذبيحة... رتبة الكلمة ترمز أكثر إلى العشاء السري، فيما قسم الذبيحة هو تحقيق لذبيحة المسيح بالذات.
    - وفي الافخارستيا تتم سريّاً، (أي على الطريق الأسرارية)، ذبيحة المؤمن نفسه... فإذا كانت ذروة صلاة المسيح، هي في تقدمة ذاته على الصليب، فإن ذروة صلاة المسيحي هي في اشتراكه بتقدمة يسوع هذه، والمشاركة معه في موته وقيامته.
    يقول الرسول بولس: "قدموا ذواتكم ذبيحة حية مقدسة مرضية، فهذه هي عبادتكم الروحية" (روما 12/1).

    كيف يتم ذلك ؟! إنه يصير في القداس بالذات، وبالتحديد في قسم الذبيحة... يأتي المؤمنون إليها حاملين معهم كل ما يعيشونه، كل ما يفرحهم ويؤلمهم، يأتون بهمومهم ومشاكلهم وصراعاتهم... ويأتون بنجاحاتهم وإنجازاتهم وابتكاراتهم... ويأتون خاصة بهذه الجروحات النازفة من جراء الخطيئة والعذابات والمشادات والمعاكسات، يأتون بها لكي يشاركوا المسيح المجروح فينظرون إلى "المطعون والواقف في آن"... ينظرون إلى المتألم ويعرضون آلامهم عليه فتتطهر ويأخذون من آلامه الممجّدة قوة خلاصية... ويعرضون أعمالهم الناجحة وأطايب الحياة فتتبارك وتتقدس... يتقبلون المغفرة في هذا الوقت بالذات حيث تُوجَّه إليهم كلمة المسيح "هذا هو جسدي لمغفرة الخطايا" كما وتميل أفكارهم وقلوبهم إلى هذه الحياة الأبدية المعطاة لهم والمبتدئة منذ اللحظة الآنية.

    ففيما بالعماد يُطعَّم المسيحي في جفنة المسيح ويتأسس فيها ويثبت، وبينما سائر الأسرار تعطيه النعمة لكي يعيش بالمسيح المحطات المهمة من حياته، فإن الافخارستيا تُقدِّم له زاداً يومياً أو أسبوعياً، يمكنّه من متابعة سيره (كما إيليا في الصحراء)، بقوة فائقة الطبيعة، وبمنطق الحق الإنجيلي، فتصفو له جمالات الحياة، وتحلو مباهجها، ويجتاح الظروف الصعبة والأزمات، ويتغلَّب على التجارب، والعراك يزيده صلابةً ومناعة.

    وعندما يخرج بعد المناولة من بيت الله، فإنما يكون مستعداً لأن يبدأ عمله التقديسي بين الناس، ويحقق صفاته الكهنوتية والنبوية والملوكية، فيقدِّم الآخرين والعالم كله إلى الله، ويقدمه تعالى إليهم جميعا،ً وينقل طعم المسيح من خلال خدمته وكلمته وعمله إلى محيطه وأقرانه ويكون بدوره نوراً وملحاً وخبزاً طيباً.

    خاتمة

    مَآل الصلاة إذاً هو أن يتقدس الإنسان فيما يقدس اسم الله، وأن يعمل بإرادته الإلهية في كل حال وآن، من أجل أن يحل ملكوته في داخليته وفي العالم أجمع.
    وقد قال المسيح: "اطلبوا ملكوت الله وبره، والباقي يُعطى لكم ويُزاد" (متى 6/33(.
    فليست الصلاة في أن يطلب الإنسان كل شيء، أو يحصل على كل شيء... يكفيه أن يتكوّن فيها، يوماً بعد يوم، بالمسيح الابن وبمحبة الروح، ابناً عزيزاً على قلب الله.
    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 4:55 pm